فهو عاد. و الحساب هو إخراج المقدار في الكمية و هي العدة، و هذا السؤال لهم علي وجه التوبيخ لانكارهم البعث و النشور، فيقول اللّه لهم إذا بعثهم (كَم لَبِثتُم فِي الأَرضِ عَدَدَ سِنِينَ) اي اينکه ما كنتم تنكرون من أجابت الرسل و ما جاءت به و تكذبون به.
و قوله (قالُوا لَبِثنا يَوماً أَو بَعضَ يَومٍ) فسأل العادين قال مجاهد: معناه فسأل العادين من الملائكة لأنهم يحصون أعمال العباد. و قال قتادة: العادين هم الحساب الّذين يعدون الشهور و السنين، و لا يدل ذلک علي بطلان عذاب القبر، لأنهم لم يکون و يعذبون كاملي العقول، و قد صح عذاب القبر بتضافر الاخبار عن النبي (ص) و اجماع الامة عليه- ذكره الرماني- و لا يحتاج الي هذا، لأنه لا يجوز أن يعاقب اللّه العصاة إلا و هم كاملوا العقول ليعلموا أن ذلک و اصل إليهم علي وجه الاستحقاق.
و وجه اخبارهم بيوم او بعض يوم، هو الاخبار عن قصر المدة، و قلته، لما مضي لسرعة حصولهم في ما توعدهم اللّه تعالي، فيقول اللّه تعالي في الجواب (إِن لَبِثتُم إِلّا قَلِيلًا) اي لم تلبثوا إلا قليلا، و المراد ما قلناه من قصر المدة کما قال (اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم)[1] و کما قال (اقتَرَبَتِ السّاعَةُ)[2] و کما قال (وَ ما أَمرُ السّاعَةِ إِلّا كَلَمحِ البَصَرِ أَو هُوَ أَقرَبُ)[3] و قال الحسن: معناه (إِن لَبِثتُم إِلّا قَلِيلًا) في طول لبثكم في النار، و القلة و الكثرة يتغيران بالاضافة، فقد يکون الشيء قليلا بالاضافة الي ما هو أكثر منه، و يکون كثيراً بالاضافة الي ما هو أقل منه (لَو أَنَّكُم كُنتُم تَعلَمُونَ) صحة ما أخبرناكم به.
ثم قال لهم (أ فحسبتم) معاشر الجاحدين للبعث و النشور (أَنَّما خَلَقناكُم عَبَثاً) لا لغرض!؟؟ أي ظننتم، و الحسبان و الظن واحد، أي ظننتم انا خلقناكم لا لغرض،