ثم اخبر تعالي فقال «فَإِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ» أي معبودكم ألذي ينبغي أن توجهوا العبادة اليه واحد لا شريك له «فَلَهُ أَسلِمُوا» أي استسلموا «وَ بَشِّرِ المُخبِتِينَ» قال قتادة: يعني المتواضعين. و قال مجاهد: يعني المطمئنين الي ذكر ربهم.
و اشتقاق المخبت من الخبت، و هو المكان المطمئن. و قيل: المنخفض، و معناهما واحد. ثم وصف تعالي المخبتين، فقال «الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم» و المعني إذا ذكر ثواب الله، علي طاعاته، و عقابه علي معاصيه، خافوا عقابه و خشوا من ترك طاعاته «وَ الصّابِرِينَ عَلي ما أَصابَهُم» يعني يصبرون علي ما يبتليهم الله، من بلائه في دار الدنيا من أنواع المصائب و الأمراض و الأوجاع «وَ المُقِيمِي الصَّلاةِ» يعني الّذين يقيمون الصلاة، فيؤدونها بحقوقها، و يداومون عليها. «وَ مِمّا رَزَقناهُم يُنفِقُونَ» أي مما ملكهم الله و جعل لهم التصرف فيه ينفقون في مرضاته.
و في ذلک دلالة علي أن الحرام ليس برزق الله، لان الله مدح من ينفق في سبيل الله مما رزقه، و الحرام ممنوع من التصرف فيه، و الإنفاق منه فكيف يکون رزقاً.
وَ البُدنَ جَعَلناها لَكُم مِن شَعائِرِ اللّهِ لَكُم فِيها خَيرٌ فَاذكُرُوا اسمَ اللّهِ عَلَيها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَت جُنُوبُها فَكُلُوا مِنها وَ أَطعِمُوا القانِعَ وَ المُعتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرناها لَكُم لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ (36) لَن يَنالَ اللّهَ لُحُومُها وَ لا دِماؤُها وَ لكِن يَنالُهُ التَّقوي مِنكُم كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلي ما هَداكُم وَ بَشِّرِ المُحسِنِينَ (37) إِنَّ اللّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّهَ عَلي نَصرِهِم لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخرِجُوا مِن دِيارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إِلاّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللّهُ وَ لَو لا دَفعُ اللّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذكَرُ فِيهَا اسمُ اللّهِ كَثِيراً وَ لَيَنصُرَنَّ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)