ما هم عليه من الكفر و المعاصي أن يعرض عنهم و لا يجاوبهم في مكروه يسمعه، صيانة لنفسه عنهم. و قال عطا العفو: الفضل. و قال مجاهد: العفو من اخلاق النّاس، و عفو أموالهم من غير تجسس عليهم. و قال: ما عفا لك من أموالهم، و ذلک قبل فرض الزكاة. و قال السدي: نسخ ذلک بآية الزكاة. و قال إبن زيد: أمره بالاعراض عنهم ثم نسخ بقوله «وَ اغلُظ عَلَيهِم»[1].
و روي عن النبي صلي الله عليه و آله في قوله: «وَ أمُر بِالعُرفِ» أن جبرائيل قال له معناه تصل من قطعك و تعطي من حرمك و تعفو عمن ظلمك.
وَ إِمّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطانِ نَزغٌ فَاستَعِذ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)
النزغ ادني حركة تقول: نزغته إذا حركته. و المعني ان نالك يا محمّد من الشيطان ادني حركة من معاندة و سوء عشرة «فَاستَعِذ بِاللّهِ» اي سل اللّه ان يعيذك، و يحفظك منه فانه سميع للمسموعات و عالم بالخفيات يسمع دعاء من يدعوه و يعلم دعاءه و ما يستحقه بذلك من اللّه.
و النزغ الفساد ايضاً يقال: نزغ فلان بيننا اي أفسد، و منه قوله تعالي: «نَزَغَ الشَّيطانُ بَينِي وَ بَينَ إِخوَتِي»[2] و نزع ينزع و نغز ينغز إذا أفسد. و موضع ينزغنك جزم ب (إن) الّتي للجزاء الا انه لا يبين فيه الاعراب، لأنه مبني مع نون التأكيد علي الفتح و إذا كانت مشددة لا بد من تحريك ما قبلها في الجزم لالتقاء الساكنين و النزغ الإزعاج بالإغواء و اكثر ما يکون ذلک عند الغضب و اصل النزغ الإزعاج بالحركة نزغته انزغه نزغاً.