«يا أَيُّهَا النّاسُ إِن كُنتُم فِي شَكٍّ مِن دِينِي» فان ديني أن «فَلا أَعبُدُ الَّذِينَ تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ» أي إن كنتم في شك مما أذهب اليه من مخالفتكم فاني أظهره لكم و أبرء مما أنتم عليه و أعرفكم ما أمرت به و هو أن أكون مؤمناً باللّه وحده و أن أقيم وجهي للدين حنيفاً.
إن قيل: لم قال «إِن كُنتُم فِي شَكٍّ مِن دِينِي» مع اعتقادهم بطلان دينه!
قلنا عنه ثلاثة أجوبة: أحدها- أن يکون علي وجه التقدير أي من کان شاكاً في أمري و هو مصمم علي أمره فهذا حكمه. و الثاني- انهم في حكم الشاك للاضطراب ألذي يجدون نفوسهم عليه عند ورود الآيات. و الثالث- ان فيهم الشاك فغلب ذكرهم، و إنما جعل جواب (ان كنتم في شك) (لا أعبد) و هو لا يعبد غير اللّه شكوا أولم يشكوا، لان المعني لا تطمعوا أن تشككوني بشككم حتي أعبد غير اللّه كعبادتكم، كأنه قيل: إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الّذين تعبدون من دون اللّه بشككم و لكن أعبد اللّه ألذي يتوفاكم أي ألذي أحياكم ثم يقبضكم و هو ألذي يحق له العبادة دون أوثانكم و دون کل شيء سواه.
وَ أَن أَقِم وَجهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ المُشرِكِينَ (105)
هذه الاية عطف علي ما قبلها و التقدير و أمرت أن أكون من المؤمنين، و قيل لي: أقم وجهك و قيل في معناه قولان: أحدهما- استقم بإقبالك علي ما أمرت به من القيام بأعباء النبوة و تحمل أمر الشريعة و دعاء الخلق الي اللّه بوجهك، إذ من أقبل علي الشيء بوجهه يجمع همته له فلم يضجع فيه. و الثاني- أن يکون معناه أقم وجهك في الصلاة بالتوجه نحو الكعبة. و الاقامة نصب الشيء المنافي لاضجاعه تقول: أقام العود إذا جعله علي تلك الصفة فأما أقام بالمكان فمعناه استمر به. و الوجه عبارة عن عضو مخصوص و يستعمل بمعني الجهة كقولهم:
هذا معلوم في وجه كذا، و يستعمل بمعني الصواب كقولك: هذا وجه الرأي