نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 5 صفحه : 319
لما قص اللّه تعالي قصة الّذين تأخروا عن النبي صلي الله عليه و آله و الخروج معه الي تبوك ثم اعتذارهم عن ذلک و توبتهم منه و أنه قبل توبة من ندم علي ما کان منه لرأفته بهم و رحمته عليهم، ذكر عقيب ذلک علي وجه التوبيخ لهم و الإزراء علي ما كانوا فعلوه فقال: لم يكن لأهل المدينة و لا من يسكن حول المدينة من الاعراب و البوادي «أَن يَتَخَلَّفُوا» بمعني ان يتأخروا عن رسول اللّه «وَ لا يَرغَبُوا بِأَنفُسِهِم عَن نَفسِهِ» و معناه و لا أن يطلبوا نفع نفوسهم، لأن الرغبة طلب المنفعة و نقيضها الرهبة. و يقال رغب فيه إذا طلب المنفعة به و رغب عنه طلب المنفعة بتركه، و الترغيب ضد الترهيب و معني «يَرغَبُوا بِأَنفُسِهِم عَن نَفسِهِ» اي يطلبون المنفعة بترفيه أنفسهم دون نفسه و هذه فريضة الزمهم اللّه إياها، لحقه فيما دعاهم من الهدي ألذي اهتدوا به و خرجوا من ظلمة الكفر الي نور الايمان.
و قوله «ذلِكَ بِأَنَّهُم لا يُصِيبُهُم ظَمَأٌ وَ لا نَصَبٌ» اشارة الي ما الزمهم اللّه إياه من تحمل هذه المشقة لأنهم لا يصيبهم ظمأ و هو شدة العطش تقول: ظمئ يظمأ ظمأ و هو ظميء و ظمآن و أظمأه اللّه إظماء. و منه قيل: أنا ظمآن الي رؤية فلان و معني «وَ لا نَصَبٌ» اي تعب تقول: نصب ينصب نصباً فهو نصب. و مثله الوصب قال النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب و ليل اقاسيه بطيء الكواكب[1]
و قوله «و لا مخمصة» يعني مجاعة و أصله ضمور البطن للمجاعة و منه رجل خميص البطن و امرأة خمصانة. و قوله «فِي سَبِيلِ اللّهِ» يعني من قتال أعدائه المشركين. و قوله «وَ لا يَطَؤُنَ مَوطِئاً يَغِيظُ الكُفّارَ» اي لا يخطون خطوة إلا كتب لهم أجرها، و الموطئ الإرض، و الغيظ انتقاض الطبع بما يري مما يشق. و الغضب