هو ما يدعو الي الانتقام علي ما سلف من المعصية مما هي متعلقة به، و هو مستحق بها و لذلك جاز ان يطلق الغضب علي اللّه و لم يجز اطلاق الغيض عليه.
و قوله «وَ لا يَنالُونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا إِلّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ» و النيل لحوق الشيء تقول: نلته اناله نيلا إذا نلته بيدك و هو منيل، و ليس من التناول لأن هذا من الواو تقول: نلته بخير انوله نولا و نوالا و انالني خيراً انالة.
و المعني ان هؤلاء المؤمنين لا يصيبون من المشركين امراً، من قتل او جراح أو مال، او امر يغمهم و يغيظهم الا و يكتب اللّه للمؤمنين «به عملا صالح إِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ» اخبار منه تعالي انه لا يضيع اجر من فعل الأفعال الحسنة الّتي يستحق بها المدح و قد يکون فاعل الحسن لا يستحق المدح مثل فاعل المباح.
و قال قتادة: حكم هذه الآية مختص بالنبي فانه إذا غزا النبي صلي الله عليه و آله لم يكن لأحد ان يتخلف عنه، فاما من بعده من الخلفاء فان ذلک جائز، و قال الاوزاعي و عبد اللّه بن المبارك و الفرازي و السبيعي و أبو جابر و سعيد بن عبد العزيز: ان هذه الاية لأول الأمة و آخرها من المجاهدين في سبيل اللّه. و قال إبن زيد: هذا حين کان المسلمون قليلين، فلما كثروا نسخ بقوله «وَ ما كانَ المُؤمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَو لا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ» و هذا هو الأقوي لأنه لا خلاف ان الجهاد من فروض الكفايات فلو لزم کل احد النفر لصار من فروض الأعيان.
وَ لا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً وَ لا يَقطَعُونَ وادِياً إِلاّ كُتِبَ لَهُم لِيَجزِيَهُمُ اللّهُ أَحسَنَ ما كانُوا يَعمَلُونَ (121)
هذه الاية عطف علي ما تقدم ذكره في الاية الاولي من قوله «وَ لا يَطَؤُنَ مَوطِئاً يَغِيظُ الكُفّارَ وَ لا يَنالُونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا ... وَ لا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً»