کان وعد بإظهاره في وقت بعينه.
وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوماً بَعدَ إِذ هَداهُم حَتّي يُبَيِّنَ لَهُم ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ (115)
قال مجاهد: وجه اتصال هذه الاية بما قبلها هو أنه لما حرم اللّه تعالي علي المؤمنين الاستغفار للمشركين بين أنه لم يكن اللّه ليؤاخذكم به إلا بعد ان يدلكم علي تحريمه و أنه يجب عليكم أن تتقوه.
و قوله «لِيُضِلَّ قَوماً» معناه- ها هنا- لم يكن اللّه ليحكم بضلال من عدل عن طريق الحق علي وجه الذم له إلا بعد أن ينصب له علي ذلک الدليل، و الهدي هو الحكم بالاهتداء الي الحق علي وجه الحمد له. و البيان و البرهان و الحجة و الدلالة بمعني واحد، و فرق الرّماني بين البيان و البرهان، فقال: البيان إظهار المعني في نفسه بمثل اظهار نقيضه. و البرهان اظهار صحته بما يستحيل في نقيضه كالبيان عن معني قدم الأجسام و معني حدوثها، فالبرهان يشهد بصحة حدوثها و فساد قدمها. و قال مجاهد: معناه حتي يبين لهم ما يتقون من ترك الاستغفار للمشركين لأنهم كانوا يستغفرون لهم، فلما نهوا عنه انتهوا. و قوله «إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ» معناه انه يعلم جميع المعلومات حتي لا يشذ شيء منها عنه لكونه عالماً لنفسه. و قال الحسن: مات قوم من المسلمين علي الإسلام قبل فرض الصلاة و الزكاة و غيرهما من فرائض الدين، فقال المسلمون: يا رسول اللّه إخواننا الّذين ماتوا قبل الفرائض ما منزلتهم! فقال اللّه تعالي «وَ ما كانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوماً» و هم مؤمنون و لم يبين لهم الفرائض.