أخبر اللّه تعالي أنه اشتري من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بما ضمن لهم علي بذلها من الثواب في قوله «بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ» اعداء اللّه و اعداء نبيه فيقتلون اعداء اللّه و يقتلهم اعداء اللّه فيصبرون علي ذلک. و من قدم المفعول أراد يقتل بعضهم، فيقتل الباقون أعداء اللّه.
و قوله «وَعداً عَلَيهِ حَقًّا» نصب (وعداً) علي المصدر بما دل عليه اشتري إذ يدل علي أنه وعد، و مثله «صُنعَ اللّهِ الَّذِي أَتقَنَ كُلَّ شَيءٍ»[1] و «فِطرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها»[2] و الوعد خبر بما يفعله المخبر من الخير بغيره. و الوعيد خبر بما يفعله المخبر من الشر بغيره. و قوله «حقاً» معناه يتبين الوعد بالحق الواجب من الوعد بما لم يكن واجباً. فالوعد بالثواب دل علي وجوبه من وجهين: أحدهما- من حيث انه جزاء علي الطاعة. و الثاني- أنه إنجاز الوعد. و قوله «فِي التَّوراةِ وَ الإِنجِيلِ وَ القُرآنِ» معناه إن هذا الوعد للمجاهدين مذكور في هذه الكتب.
قال الزجاج: و ذلک يدل علي أن الجهاد کان واجباً علي أهل کل ملة. و قوله «وَ مَن أَوفي بِعَهدِهِ مِنَ اللّهِ!؟» معناه لا أحد أحق بالوفاء بالعهد من اللّه «فَاستَبشِرُوا» ايها المؤمنون «بِبَيعِكُمُ الَّذِي بايَعتُم بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ» يعني ذلک الشراء و البيع هو الفلاح العظيم ألذي لا يقارنه شيء.
التّائِبُونَ العابِدُونَ الحامِدُونَ السّائِحُونَ الرّاكِعُونَ السّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالمَعرُوفِ وَ النّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَ الحافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَ بَشِّرِ المُؤمِنِينَ (112)
قيل في ارتفاع قوله «التائبون» ثلاثة اقوال: أحدها- انه ارتفع بالمدح