الي وقت، يقال: أرجأت الأمر إرجاء و أرجيته بالهمزة و ترك الهمزة لغتان.
و قوله «إِمّا يُعَذِّبُهُم وَ إِمّا يَتُوبُ عَلَيهِم» فلفظة (إمّا) لوقوع أحد الشيئين و اللّه اعلم بما يصير اليه أمرهم إلا ان هذا للعباد، خوطبوا بما يعلمون. و المعني و ليكن أمرهم عندكم علي هذا اي علي الخوف و الرجاء. و الآية تدل علي صحة قولنا في جواز العفو عن العصاة، لأنه تعالي بين ان قوماً من هؤلاء العصاة أمرهم مرجأ الي اللّه: ان شاء عذبهم و ان شاء قبل توبتهم فعفا عنهم. فلو کان سقوط العقاب عند التوبة واجباً، لما جاز تعليق ذلک بالمشيئة علي وجه التخيير، لأنهم ان تابوا وجب قبول توبتهم عند الخصم و إسقاط العقاب عنهم، و ان أصرّوا و لم يتوبوا فلا يعفي عنهم، فلا معني للتخيير- علي قولهم- و انما يصح ذلک علي ما نقوله: من أن مع حصول التوبة تحسن المؤاخذة فان عفا فبفضله و ان عاقب فبعد له. و قوله «وَ إِمّا يَتُوبُ عَلَيهِم» معناه و إما يقبل توبتهم. و قوله «وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» معناه عالم بما يؤل اليه حالهم «حكيم» فيما يفعله بهم. و الفرق بين الآخِر و الآخر أن الآخِر يفيد أنه بعد الأول، و الآخر مقابل لأحد في تفصيل ذكر اثنين أحدهما كذا و الآخر كذا.
و
قال مجاهد و قتادة: الاية نزلت في هلال بن امية الرافعي و فزارة بن ربعي و كعب بن مالك من الأوس و الخزرج، و کان كعب بن مالك رجل صدق غير مطعون عليه، و انما تخلف توانياً عن الاستعداد حتي فاته المسير و انصرف رسول اللّه و لم يعتذر اليه بالكذب. و قال: و اللّه مالي من عذر، فقال صلي الله عليه و آله: صدقت فقم حتي يقضي اللّه فيك. و جاء الرجلان الآخران فقالا مثل ذلک و صدقاً، فنهي رسول اللّه صلي الله عليه و آله عن كلامهم بعد ما عذر المنافقين و جميع المتخلفين، و كانوا نيفاً و ثمانين رجلا فأقام هؤلاء الثلاثة علي ذلک خمسين ليلة حتي هجرهم ولدانهم و نساؤهم طاعة لرسول اللّه صلي الله عليه و آله بأمره. و بني كعب خيمة علي سلع يکون فيها وحده. و قال في ذلک: