بين اللّه تعالي في هذه الآية أنه إذا أنزل سورة من القرآن علي النبي صلي الله عليه و آله «أَن آمِنُوا» و معناه بأن آمنوا فحذفت الباء و جعل «أن آمنوا» في موضع نصب و التقدير بالايمان علي وجه الأمر و لا يجوز الحذف مع صريح المصدر، و إنما جاز مع (أن) للزوم الصلة و الحمل علي التأويل في اللفظ کما حمل علي المعني.
و هذا خطاب للمؤمنين و أمر لهم بأن يدوموا علي الايمان و يتمسكوا به في مستقبل الأوقات و يدخل فيه المنافق و يتناوله الأمر بأن يستأنف الايمان و يترك النفاق ثم يجاهدوا بعد ذلک بنفوسهم و أموالهم لأنه لا ينفعهم الجهاد مع النفاق.
و قوله «استَأذَنَكَ أُولُوا الطَّولِ» معناه أن ذوي الغني من المنافقين إذا أنزلت السورة يأمرهم فيها بالايمان و الجهاد يستأذنون النبي صلي الله عليه و آله في القعود و التأخر عنه، مع اعتقادهم بطلان الإسلام فيشد ذلک عليهم و يکون عذاباً لهم- و هو قول الحسن و إبن عباس- فإنهما قالا: إنما لحق هؤلاء الذم لأنهم أقوي علي الجهاد.
و قوله «وَ قالُوا ذَرنا نَكُن مَعَ القاعِدِينَ» اخبار منه تعالي أن هؤلاء المنافقين من ذوي الغني يقولون للنبي صلي الله عليه و آله: اتركنا نكن مع القاعدين من الصبيان و الزمني و المرضي الّذين لا يقدرون علي الخروج. قال الرماني: و السورة جملة من القرآن تشتمل علي آيات قد أحاطت بها کما يحيط سور القصر بما فيه، و سؤر الهر بقيته من الماء. و الجهاد بالقتال دفعاً عن النفس معلوم حسنه عقلا لأنه مركوز في العقل وجوب التحرز من المضار، و ليس في العقل ما يدل علي انه يجب علي الإنسان ان يمنع غيره من الظلم و إنما يعلم ذلک سمعاً.
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 5 صفحه : 274