قد مضي تفسير مثل هذه الآية فلا وجه لإعادته[1] و بينا أنه خطاب للنبي صلي الله عليه و آله و المراد به الامة، ينهاهم اللّه أن يعجبوا بما اعطي اللّه الكفار من الأموال و الأولاد في الدنيا حتي يدعوهم ذلک الي الصلاة عليهم، و لا ينبغي ان يغتروا بذلك فإنما يريد اللّه ان يعذبهم بها في الدنيا، لأنهم لا ينفقونها في طاعة اللّه و لا يخرجون حق اللّه منها. و يجوز أن يعذبهم بها في الدنيا بما يلحقهم فيها من المصائب و الغموم و بما يأخذها المسلمون علي وجه الغنيمة و بما يشق عليهم من إخراجها في الزكاة و الإنفاق في سبيل اللّه مع اعتقادهم بطلان الإسلام و تشدد ذلک عليهم و يکون عذاباً لهم، و ان نفوسهم تزهق اي تهلك بالموت «وَ هُم كافِرُونَ» أي في حال كفرهم، فلذلك عذبهم اللّه في الآخرة. و الاعجاب هو إيجاد السرور بما يتعجب منه من عظيم الإحسان، تقول: اعجبني أمره اعجاباً إذا سررت بموضع بموضع التعجب منه و الزهق خروج النفس بمشقة شديدة و منه قوله «فَإِذا هُوَ زاهِقٌ»[2] أي هالك.
و قيل: في وجه حسن تكرار هذه الآية دفعتين قولان:
أحدهما- قال ابو علي: يجوز أن تكون الآيتان في فريقين من المنافقين کما يقول القائل: لا يعجبك حال زيد و لا يعجبك حال عمرو.
الثاني- أن يکون الغرض البيان عن قوة هذا المعني فيما ينبغي ان يحذر منه مع أنه للتذكير في موطنين بعد أحدهما عن الاخر، فيجب العناية به، و ليس ذلک بقبيح، لأن الواحد منا يحسن به أن يقوم في مقام بعد مقام، و يكرر الوعظ و الزجر و التخويف و لا يکون ذلک قبيحاً.