«قال‌َ لَه‌ُ صاحِبُه‌ُ وَ هُوَ يُحاوِرُه‌ُ أَ كَفَرت‌َ بِالَّذِي‌ خَلَقَك‌َ»[1] و ‌قد‌ يسمون‌ البهيمة بأنها صاحب‌ الإنسان‌ كقول‌ الشاعر (و صاحبي‌ بازل‌ شمول‌) و ‌قد‌ يقول‌ الرجل‌ المسلم‌ لغيره‌: أرسل‌ اليك‌ صاحبي‌ اليهودي‌، و ‌لا‌ يدل‌ ‌ذلک‌ ‌علي‌ الفضل‌، و ‌قوله‌ «لا تَحزَن‌» ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ ذماً فليس‌ بمدح‌ بل‌ ‌هو‌ نهي‌ محض‌ ‌عن‌ الخوف‌، و ‌قوله‌ «إِن‌َّ اللّه‌َ مَعَنا» ‌قيل‌ ‌إن‌ المراد ‌به‌ النبي‌ ‌صلي‌ ‌الله‌ ‌عليه‌ و آله‌، و ‌لو‌ أريد ‌به‌ ‌أبو‌ بكر معه‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌فيه‌ فضيلة، لأنه‌ يحتمل‌ ‌أن‌ ‌يکون‌ ‌ذلک‌ ‌علي‌ وجه‌ التهديد، ‌کما‌ يقول‌ القائل‌ لغيره‌ ‌إذا‌ رآه‌ يفعل‌ القبيح‌ ‌لا‌ تفعل‌ ‌إن‌ اللّه‌ معنا يريد ‌أنه‌ متطلع‌ علينا، عالم‌ بحالنا. و السكينة ‌قد‌ بينا أنها نزلت‌ ‌علي‌ النبي‌ ‌صلي‌ ‌الله‌ ‌عليه‌ و آله‌ ‌بما‌ بيناه‌ ‌من‌ ‌ان‌ التأييد بجنود الملائكة ‌کان‌ يختص‌ بالنبي‌ ‌صلي‌ ‌الله‌ ‌عليه‌ و آله‌ فأين‌ موضع‌ الفضيلة للرجل‌ لولا العناد، و ‌لم‌ نذكر ‌هذا‌ للطعن‌ ‌علي‌ أبي بكر بل‌ بينا ‌أن‌ الاستدلال‌ بالاية ‌علي‌ الفضل‌ ‌غير‌ صحيح‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ التوبة (9): آية 41]

انفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً وَ جاهِدُوا بِأَموالِكُم‌ وَ أَنفُسِكُم‌ فِي‌ سَبِيل‌ِ اللّه‌ِ ذلِكُم‌ خَيرٌ لَكُم‌ إِن‌ كُنتُم‌ تَعلَمُون‌َ (41)

‌هذا‌ امر ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ للمؤمنين‌ ‌أن‌ ينفروا ‌الي‌ جهاد المشركين‌ خفافاً و ثقالا و ‌قيل‌ ‌في‌ معني‌ «خِفافاً وَ ثِقالًا» ثمانية أقوال‌: أحدها‌-‌ ‌قال‌ الحسن‌ و مجاهد و الضحاك‌ و الجبائي‌: ‌إن‌ معناه‌ شباناً و شيوخاً. و ثانيها‌-‌ ‌قال‌ صالح‌: معناه‌ أغنياء و فقراء. و ثالثها‌-‌ ‌قال‌ ‌إبن‌ عباس‌ و قتادة: نشاطاً و ‌غير‌ نشاط. و رابعها‌-‌ ‌قال‌ ابو عمرو: ركباناً و مشاة. و خامسها‌-‌ ‌قال‌ ‌إبن‌ زيد: ذا صنعة و ‌غير‌ ذي‌ صنعة.

و سادسها‌-‌ ‌قال‌ الحكم‌: مشاغيل‌ و ‌غير‌ مشاغيل‌. و سابعها‌-‌ ‌قال‌ الفراء: ذو العيال‌، و الميسرة: ‌هم‌ الثقال‌، و ذو العسرة و قلة العيال‌ ‌هم‌ الخفاف‌. و ثامنها‌-‌ ‌ان‌ يحمل‌