لأنه کان الخائف و احتاج الي الأمن لأن من وعد بالنصر فهو ساكن القلب. و الاول أصح، لأن جميع الكنايات قبل هذا و بعده راجعة الي النبي صلي الله عليه و آله ألا تري أن قوله «إِلّا تَنصُرُوهُ» الهاء راجعة الي النبي صلي الله عليه و آله بلا خلاف، و قوله «فَقَد نَصَرَهُ اللّهُ» فالهاء أيضاً راجعة الي النبي صلي الله عليه و آله و قوله «إِذ أَخرَجَهُ» يعني النبي صلي الله عليه و آله «إِذ يَقُولُ لِصاحِبِهِ» يعني صاحب النبي صلي الله عليه و آله ثم قال «فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيهِ» و قال بعده «وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ» يعني النبي صلي الله عليه و آله فلا يليق أن يتخلل ذلک كله كناية عن غيره و تأييد اللّه إياه بالجنود ما کان من تقوية الملائكة لقلبه بالبشارة بالنصر من ربه و من إلقاء اليأس في قلوب المشركين حتي انصرفوا خائبين.
و قوله «وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفلي» أي جعلها نازلة دنية و أراد بذلك أن يسفل وعيدهم النبي صلي الله عليه و آله و تخويفهم إياه فأبطل وعيدهم و نصر رسول اللّه و المؤمنين عليهم فعبر عن ذلک بأنه جعل كلمتهم كذلك، لا انه خلق كلمتهم کما قال «وَ جَعَلُوا المَلائِكَةَ الَّذِينَ هُم عِبادُ الرَّحمنِ إِناثاً»[1] «كَلِمَةُ اللّهِ» ما وعد به من النصر و النجاة. ثم أخبر ان «كَلِمَةُ اللّهِ هِيَ العُليا» المرتفعة اي هي المنصورة بغير جعل جاعل، لأنها لا يجوز أن تدعو الي خلاف الحكمة. و قوله «وَ اللّهُ عَزِيزٌ» معناه قادر لا يقهر «حكيم» واضع الأشياء مواضعها ليس فيها وجه من وجوه القبح.
و ليس في الاية ما يدل علي تفضيل أبي بكر، لأن قوله «ثانِيَ اثنَينِ» مجرد الاخبار أن النبي صلي الله عليه و آله خرج و معه غيره، و كذلك قوله «إِذ هُما فِي الغارِ» خبر عن كونهما فيه، و قوله «إِذ يَقُولُ لِصاحِبِهِ» لا مدح فيه أيضاً، لأن تسمية الصاحب لا تفيد فضيلة ألا تري أن اللّه تعالي قال في صفة المؤمن و الكافر