ميم، لأنه حرف صحيح من مخرج الواو مشاكل لها. و لما سمي اللّه تعالي الحجج و البراهين نورا سمي معارضتهم له إطفاء. و أضاف ذلک الي الأفواه، لأن الإطفاء يکون بالأفواه، و هو النفخ، و هذا من عجيب البيان مع ما فيه من تصغير شأنهم و تضعيف كيدهم، لأن النفخ يؤثر في الأنوار الضعيفة دون الاقباس العظيمة ذكره الحسين بن علي المغربي. و قوله «وَ يَأبَي اللّهُ إِلّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ» الاباء الامتناع مما طلب من المعني. قال الشاعر:
و إن أرادوا ظلمنا أبينا
أي منعناهم من الظلم، و ليس الاباء من الكراهة في شيء علي ما يقول المجبرة لأنهم يقولون: فلان يأبي الضيم، فيمدحونه، و لا مدحة في كراهة الضيم لتساوي الضعيف و القوي في ذلک. و إنما المدح في المنع خاصة، و لذلك مدح عورة بن الورد بأنه أبي للضيم بمعني أنه ممتنع منه، و قوله (و إن أرادوا ظلمنا أبينا) يدل علي ذلک لأنه لا مدحة في ان يكرهوا ظلم من يظلمهم. و إنما المدحة في منع من أراد ظلمهم. و المنع في الاية يمنع اللّه إلا إتمام نوره. و إن كره الكافرون. و لا يجوز علي قياس «وَ يَأبَي اللّهُ إِلّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ» أن تقول: ضربت إلا أخاك، لأن في الاباء معني النفي، فكأنه قال: لا يمكنهم اللّه إلا أن يتم نوره. و إذا لم يكن في اللفظ مستثني منه لم تدخل «إلا» في الإيجاب، و تدخل في النفي علي تقدير الحذف قال الشاعر:
و هل لي أم غيرها ان تركتها أبي اللّه إلا أن أكون لها ابنما[1]
و التقدير في الآية و يأبي اللّه کل شيء الا إتمام نوره. في قول الزجاج، و أنكر أن يکون في الآية معني الجحد.