و الثاني- و أنتم تعلمون ما في الخيانة من الذم و العقاب بخلاف الجهال بتلك المنزلة.
و قوله: «و تخونوا» موضعه الجزم بتقدير، و لا تخونوا في قول إبن عباس و قال السدي: هو نصب علي الظرف[1] أي إنكم إذا خنتم الرسول فقد خنتم أماناتكم. قال الفراء، و مثله قول الشاعر:
لا تنه عن خلق و تأت مثله عار عليك إذا فعلت عظيم[2]
و حكي الفراء في بعض القراآت: «و لا تخونوا أمانتكم» و قال جابر بن عبد اللّه: نزلت الاية في بعض المنافقين حين انذر أبا سفيان بخروج النبي لأخذ العير. و قال الزهري:
نزلت في أبي لبابة في قصة بني قريظة و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) .
وَ اعلَمُوا أَنَّما أَموالُكُم وَ أَولادُكُم فِتنَةٌ وَ أَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ (28)
أمر اللّه تعالي المكلفين ان يعلموا و يتحققوا ان أموالهم و أولادهم فتنة. و إنما يمكنهم معرفة ذلک بالنظر و الفكر في الأدلة المؤدية إليه، و هو ما يدعو إليه الهوي في الأموال و الأولاد، و ما يصرف عنه فمن تفقد ذلک و تحرز منه نجاه من مضرته و المراد بالفتنة هاهنا المحنة الّتي يظهر بها ما في النفس من اتباع الهوي او تجنبه فيخلص حاله للجزاء بالثواب او العقاب بحسب الاستحقاق.