و قوله «قد نعلم انه» انما كسرت الهمزة، لان في خبرها لا ما للتأكيد.
لما علم اللّه تعالي أن النبي (ص) يحزنه تكذيب الكفار له و جحدهم نبوته سلاه عن ذلک بأن قال «فَإِنَّهُم لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللّهِ يَجحَدُونَ» و من قرأ بالتخفيف قال: معناه لا يلفونك كاذبا، کما يقولون: سألته فما أبخلته، و قاتلته فما أجبنته أي ما وجدته بخيلا و لا جبانا. و
قال أبو عبد اللّه (ع) معني «لا يُكَذِّبُونَكَ» لا يأتون بحق يبطلون به حقك.
و قال الفراء: معني التخفيف لا يجعلونك كذابا، و انما يريدون أن ما جئت به باطل، لأنهم لم يفتروا عليك كذبا، فيكذبوا لأنهم لم يعرفوه (ص) و انما قالوا: ان ما جئت به باطل لا نعرفه من النبوة، فأما التكذيب بأن يقال له كذبت، و قال بعض اهل اللغة: هذا المعني لا يجوز، لأنه لا يجوز أن يصدقوه و يكذبوا ما جاء به، و هو ان اللّه ارسلني إليكم و أنزل عليَّ هذا الكتاب و هو كلام ربي. و من قرأ بالتشديد احتمل وجوها:
أحدها- انهم لا يكذبونك بحجة يأتون بها أو برهان يدل علي كذبك، لان النبي (ص) إذا کان صادقا فمحال أن يقوم علي كذبه حجة، و لم يرد أنهم لا يكذبونه سفها و جهلا به.
و الثاني- أنه أراد فإنهم لا يكذبونك بل يكذبوني لان من كذب النبي (ص) فقد كذب اللّه، لان اللّه هو المصدق له کما يقول القائل لصاحبه:
فلان ليس يكذبك، و انما يكذبني دونك، يريد ان تكذيبه إياك راجع الي تكذيبي، لاني أنا المخبر لك و انت حاك عني.
و ثالثها- ان يکون أراد انهم لا ينسبونك الي الكذب لأنك كنت معروفا عندهم بالامانة و الصدق فانه (ص) کان يدعي فيهم الأمين قبل الوحي، و کان معروفا بينهم بذلك لكنهم لما أتيتهم بالآيات جحدوها بقصدهم التكذيب بآيات اللّه و جحدها لا لتكذيبك، قال أبو طالب:
ان إبن آمنة الأمين محمدا