آيتان.
- قد بينا- في اوّل البقرة معني الخداع من المنافقين، و من اللّه (تعالي) و جملته ان الخداع من المنافقين اظهارهم الايمان ألذي حقنوا به دماءهم و أموالهم، کما حقن المؤمنون علي الحقيقة. و قال: الحسن و الزجاج و الازهري ان معناه يخادعون نبي اللّه فسماه خداعا للّه للاختصاص، کما قال: إن الّذين يبايعونك انما يبايعون اللّه فسمي مبايعة النبي (ص) مبايعة للّه، للاختصاص، لأنه بأمره. و معني الخداع من اللّه يحتمل أمرين:
أحدهما- ان يجازيهم علي خداعهم فسمي الجزاء باسم الشيء، للازدواج، کما قال: «وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثلُها» و الجزاء ليس بسيئة. و قال: «وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّهُ» و اللّه لا يمكر، غير انه يجازي عليه.
و الثاني- ما حكم اللّه فيهم من منع دمائهم بما اظهروه من الايمان بلسانهم منع علمه بباطنهم، و اعتقادهم الكفر استدراجاً منه لهم في الدنيا حتي يلقوه يوم القيامة، فيوردهم بما ابطنوهم نار جهنم. و قال السدي: يعطيهم اللّه نوراً يوم القيامة يمشون به مع المسلمين، کما كانوا في الدنيا، ثم يسلبهم ذلک النور، و يضرب بينهم بسور، فذلك هو الخداع منه (تعالي). و به قال إبن جريج، و الحسن و غيرهم من المفسرين:
علي ما بيناه فيما مضي. و قوله: «وَ إِذا قامُوا إِلَي الصَّلاةِ قامُوا كُسالي يُراؤُنَ النّاسَ» يعني ان المنافقين لا يعملون شيئاً من اعمال العبادات الّتي أوجبها علي المؤمنين علي وجه القربة الي اللّه، لأنهم غير موقنين بها، و لا ان لهم عليها ثواباً أو عقابا و انما يفعلون ذلک إبقاءً علي أنفسهم، و حذراً من المؤمنين أن يقتلوهم، و يسلبوا أموالهم، فهم إذا قاموا الي الصلاة، قاموا كسالي اليها رياءً للمؤمنين،