الباقون بالنون من قرأ بالياء حمله علي قوله: «وَ مَن يَفعَل». و من قرأ بالنون حمله علي المعني.
أخبر اللّه تعالي: أنه لا خير في كثير من نجوي النّاس جميعاً. و النجوي هو ما ينفرد به الاثنان أو الجماعة سراً کان أو جهراً. و يقال: نجوت الشيء: إذا خلصته و ألقيته. يقال: نجوت الجلد: إذا ألقيته عن البعير، و غيره قال الشاعر:
فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنه سيرضيكما منها سنام و غاربه[1]
و نجوت فلاناً: إذا استنكهته قال الشاعر:
نجوت مجالداً فوجدت منه كريح الكلب مات حديث عهد[2]
و نجوت الوتر و استنجيته إذا خلصته کما قال الشاعر:
فتبازت فتبازخت لها جلسة الا عسر يستنجي الوتر[3]
و أصله كله من النجوة، و هو ما ارتفع من الإرض، قال الشاعر يصف سيلا:
فمن بنجوته كمن بعقوبته و المستكن كمن يمشي بقرواح[4]
و يقول: ما أنجي فلا شيئاً و ما نجا شيئاً منذ أيام إذا لم يتغوّط. و التقدير في الآية «لا خَيرَ فِي كَثِيرٍ» مما يديرونه بينهم من الكلام (إلا) كلام «مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعرُوفٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ النّاسِ».
قال الزجاج يحتمل موضع من نصبا و أن يکون خفضاً، فالخفض علي إلا في نجوي من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح. و النصب علي أن يکون استثناء منقطعاً بمعني لكن كأنه قال: لكن من أمر بصدقة أو معروف ففي نجواه خير.
و طعن بعضهم علي الوجه الأول بأن قال لا يجوز أن يعطف بالّا علي الهاء و الميم في مثل هذا الموضع من أجل أنه لم ينله الجحد. و قال الفرّاء: يحتمل الخفض علي