تقدير لا خير في كثير من نجواهم إلا فيمن أمر بصدقة فيكون النجوي علي هذا هم الرجال المتناجون کما قال: (ما يَكُونُ مِن نَجوي ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم)[1] و کما قال: «وَ إِذ هُم نَجوي»[2] و النصب علي أن يجعل النجوي فعلا فيكون نصباً.
لأنه حينئذ يکون استثناء منقطعاً، لان (من) خلاف النجوي و مثله قول الشاعر:
وقفت فيها اصيلالًا أسائلها أعيت جواباً و ما بالدار من أحد[3]
إلا الأواري لاياما أبينها و النؤي كالحوض بالمظلومة الجلد
و يحتمل وجهاً ثالثاً أن يکون رفعاً کما قال الشاعر:
و بلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير و الا العيس[4]
و أقوي الوجوه أن تجعل (من) في موضع خفض بالرد علي النجوي، و يکون بمعني المتناجين، خرج مخرج السكري و الجرحي، و يکون التقدير لا خير في كثير من نجواهم يعني من المتناجين يا محمّد إلا فيمن أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين النّاس، فان أولئك فيهم الخير.
و قوله: «وَ مَن يَفعَل ذلِكَ» اشارة الي ما تقدم من الامر بالصدقة و المعروف و الإصلاح بين النّاس ابتغاء مرضاة اللّه يعني طلب مرضاة اللّه و نصب ابتغاء علي أنه مفعول له و تقديره لابتغاء مرضاة اللّه، و هو في معني المصدر، لأن التقدير و من يتبع ذلک ابتغاء مرضاة اللّه. و قوله: «فَسَوفَ نُؤتِيهِ أَجراً عَظِيماً» يعني ثواباً جزيلا في المستقبل.
وَ مَن يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدي وَ يَتَّبِع غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّي وَ نُصلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَت مَصِيراً (115)