من المصحف و غيره من الدفاتر من الصفحة. و منه «فَاصفَحِ الصَّفحَ الجَمِيلَ»[1].
و قوله: «فَاعفُوا وَ اصفَحُوا» قال الحارث بن هشام:
و صفحت عنهم و الاحبة فيهم طمعاً لهم بعقاب يوم سرمد
اي لم أحاربهم لأقبض صفاحهم، او اريهم ذلک في نفسي. و يقال نظر اليهم صفحاً بقدر ما ابدي صفحته لم يتجاوز. و الصفاح موضع سمي بذلك، لأنه صخور مستوية تبدو صفائحها. و أصل الباب صفحة الشيء و هي ظاهره.
و قوله: «مِن عِندِ أَنفُسِهِم» قال الزجاج: متعلق ب «وَدَّ كَثِيرٌ» لا بقوله:
(حسداً)، لان حسد الإنسان، لا يکون من غير نفسه. و قد يجوز ان يتصل بقوله: «حسداً» علي التوكيد. کما قال تعالي: (وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيهِ)[2] و يحتمل وجهاً آخراً و هو ان اليهود کما يضيفون الكفر و المعاصي الي الله تعالي، فقال الله: «مِن عِندِ أَنفُسِهِم» تكذيباً لهم انها من عند الله.
و قوله: «مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ» قال قتادة: من بعد ما تبين لهم ان محمداً رسول الله (ص) و الإسلام دين الله. و هو قول الربيع و السدي و إبن زيد، و روي عن إبن عباس مثله.
و قال بن عباس: ان قوله: «فَاعفُوا وَ اصفَحُوا حَتّي يَأتِيَ اللّهُ بِأَمرِهِ» منسوخة بقوله: «فَاقتُلُوا المُشرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُم»[3]. و قال قتادة نسخت بقوله:
«قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَ لا بِاليَومِ الآخِرِ» الآية. و به قال الربيع و السدي.
و روي عن أبي جعفر محمّد بن علي: انه قال:4» لم يؤمر رسول اللّه (ص) بقتل، و لا اذن له فيه حتي نزل جبرائيل (ع) بهذه الآية «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُم ظُلِمُوا»« و قلده سيفاً.