الفاعل القريب للخير والشر
واللَّه سبحانه هو الفاعل البعيد لهما وهو خالق كّل شيء كما نشير إليه في بيان
الأمر بين الأمرين فالمراد بمن أجرى اللَّه الخير على يديه هو العبد العازم على
الخير والطاعة وهو محبوبه تعالى والمراد بمن أجرى اللَّه الشر على يديه هو العبد
المتمرد او الجاهل كما يظهر من قوله تعالى:
«قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا» (هود/ 106) وقوله تعالى
«فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ». وقوله تعالى: «وَ ما
يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ».
ثم
الشر قد يكون وجوديا كمثل الاوجاع وقد يكون عدميا خلافا لمن قال ان الشرور أعدام
كلها ونسبة الخلق اليه في الثاني عرضّى. ولا يبعد ان يراد بخلق الخير والشر
تقديرهما.
[457/
2] أمالى الصدوق: عن أبيه عن علّي عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن الكناني عن الصادق
عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم في حديث «الشقي من
شقي في بطن أمّه».[1]
اقول:
من انعقدت نطفته من الزنا او من الوطئي بالشبهة بل من الغذاء المحرم او من الوطئي
المحرم كما في الاحرام ونهار رمضان وايام القرء بل من الوالدين فاسدي الاخلاق ونحو
ذلك فقد شقي في بطن أمه، لكن شقاوته هذه مقتضية للمعصية لا علّة تامة كما لعلّه
المحسوس. وله معنى آخر يأتي فيما بعد وهو ان الشقي من كتب شقاوته وهو في بطن أمّه
فلا اشكال فيه ويأتي ما يؤيد او يدل على الشقاوة الإقتضائية في أخبار الطينة.
وكذا
الشقي من نقص عضوا من بدنه في بطن أمّه بسبب جهالة الوالدين أو أحدهما، أو ما
يصيبه بسبب الجينات الوراثية بمساعدة البيئة، ثم إنّه لا حصر ولا عموم في الرواية
وان كل شقي في الخارج كان شقيا في بطن أمه فبعض الأشقياء صار شقيا فى الدنيا، و ان
كان فى علم الله شقياً فى بطن أمّه .... بل قبله: بل المستفاد من الرواية ان الشقي
الكامل من شقي في بطن أمّه ومعناه على هذه الاستفادة. هو ما ذكرنا من انعقاد
النطفة حراما. او
[1] . امالي الصدوق/ 487- 488 و بحارالانوار: 5/ 153.