نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 236
مساوق للمعلول بلا علّة، و
امتناعه بديهي بلا يختلف فيه أحد، ففي الموضوع الإرادي قالوا بقبحه تارة و
بامتناعه اخرى بيانه:
إن
الاشاعرة بنوا على خلو أفعال اللّه تعلى التكوينية و التشريعية عن الغايات الذاتية
و العرضية، و عن الحكم و المصالح الواقعية نظرا إلى جواز الترجيح بلا مرجّح لا
مكان الإرادة الجزافية تمسّكا منهم بامثلة جزئية ... و نفيا منهم للحسن و القبح
بالكلّية، فالفعل الإرادي الخالي عن الغرض معلول للإرادة المستندة إلى المريد، فلا
يلزم المعلول بلا علّة، و حيث لا حسن و لا قبح فلا يتّصف مثل هذا الفعل الخالي عن
الغاية بكونه قبيحا.
و
أجاب الحكماء- بعد إثبات الحسن و القبح عقلا في كلية افعال اللّه تعالى و العبد-
بأن الفعل الخالي عن الغاية و الغرض قبيح من كل عاقل، و بأن تجويز الإرادة
الجزافية يؤول إلى تجويز الترجح بلا مرجح؛ لأن الإرادة من الممكنات فتعلّقها بأحد
الأمرين دون تعلق إرادة أخرى بالآخر إما بإرادة أخرى فيدور أو يتسلسل، و إمّا بلا
إرادة ... كان معناه حدوث الإرادة بلا سبب و هو عين الترجح بلا مرجح ... فبالإضافة
إلى نفس الفعل و إن كان ترجيحا بلا مرجح، إلّا أنه بالإضافة إلى إرادته ترجح بلا
مرجح.
فعلم
ممّا ذكرنا أنّ محل النزاع هو الفعل الإرادي الخالي عن مطلق الغاية و الغرض لا
الخالي عن الغرض العقلائي، فإنه لم يقع النزاع في إمكانه، كما علم أن القبح بأي
نظر و أن الامتناع بأي لحاظ فإنه قبيح بالنظر إلى خلوه عن الحكمة و المصلحة و
ممتنع بالنظر إلى حدوث الإرادة بلا موجب، غاية الأمر ان الموجب في إرادته تعالى
منحصرة في الحكمة و المصلحة ل مطلق الغرض.
و
أما مسألة ترجيح المرجوح على الراجح فهي أجنبية عن مقاصد الحكماء، و الأشاعرة في
تلك المسألة المتداولة، إلّا أنه يمكن فرضها قبيحا تارة و ممتنعا أخرى، فبالنظر
إلى خلو الفعل عن جهة مصحّحة من حكمة و مصلحة قبيح و بالنظر إلى حدوث الإرادة بلا
سبب ممتنع.
و
يزيد على الترجيح بلا مرجح بأن ترك الراجح مع وجود غاية مصححة قبيح آخر و تخلف
الإرادة عما يوجبها محال آخر انتهى.
أقول:
فقد ظهر أن استحالة الترجيح بلا مرجح لأجل رجوعه إلى الترجح بلا مرجح و إلا فهو
ليس بمحال. انتهى.
و
أما ما ذكره المحقّق اللاهجي[1] من
استحالة الترجيح المذكور في نفسه أيضا، بل ادّعى بداهتها عند الوجدان المستقيم،
فمما لم نعرف له وجها.