و
هو ممّا لا إشكال فيه؛ لتجويز القرآن الكريم الاعتداء بالمثل، و سيأتي جملة من
الآيات الشريفة الدالّة عليه في مادّة «السبّ» في حرف «س» و في غيرها.
و
في صحيح داود: قلت لأبي الحسن موسى عليه السّلام: إنّي أخالط السلطان (أعامل قوما
رفقة) فتكون عندى الجارية فيأخذونها و الدابّة الفارهة، فيبعثون فيأخذونها، ثمّ
يقع لهم عندي المال. فلي أن آخذه؟ قال: «خذ مثل ذلك و لا تزد عليه»[1].
و
في صحيح البقباق على المشهور أنّ شهابا ما راه في رجل ذهب له بألف درهم و استودعه
بعد ذلك ألف درهم، قال أبو العباس: فقلت له: خذها مكان الألف التي أخذ منك أبى،
فأبى شهاب، قال: فدخل شهاب على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فذكر له ذلك، فقال:
«أمّا
أنا فأحبّ أن يأخذ و يحلف»[2]. يظهر منه
جواز الحلف كاذبا تحفّظا على حقّه و ماله، و لا خصوصيّة للمورد.
و
في صحيح سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقع لي عنده
مال فكابرني عليه، و حلف، و وقع له عندي مال آخذه (فآخذه) لمكان مالي الذي أخذه و
أجحده و أحلف عليه، كما صنع؟ قال: «إن خانك فلا تخنه، و لا تدخل فيما عتبه عليه»[3].
أقول:
ظاهر الصحيح عدم جواز المقاصّة؛ إذا أخذه الغاصب بحكم الحاكم بعد حلف المنكر، و قد
تقرّر في محلّه وجوب الرضا بالحلف، فبه يقيّد المطلقات المجوّزة و المانعة، كصحيح
معاوية[4]، لكن
يعتبر استناد الحلف إلى الاستحلاف، كما قرّر في كتاب القضاء و إلّا فلا أثر للحلف
في المنع، و إذا لم نقبل ظهور الرواية على الترافع إلى الحاكم، فمقتضى الصناعة حمل
النهي على الكراهة جمعا بين النصّ و الظاهر.[5]