«و شهادة الزور، و كتمان
الشهادة؛ لأنّ اللّه عزّ و جلّ يقول: وَ مَنْ
يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ.»[1]
و
هنا مباحث كما تأتي:
المبحث
الأوّل: هل كتمان الشهادة حرام أو أداؤها واجب؟ ظاهر جمع من الفقهاء و معقد
إجماعهم هو الثاني، و يدلّ عليه قوله تعالى: وَ
أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ.[2]
بناء على عدم اختصاصه بموضوع الطلاق، و قوله تعالى: وَ
الَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ[3]؛
فإنّه و إن لم يدلّ على الوجوب دلالة تامّة إلّا أنّه يدلّ على أنّ الشهادة ممّا
أمر بإقامته لا أنّ كتمانه منهيّ عنه.
لكن
ظاهر الآية الأولى و قوله تعالى: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ
كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ.[4]
بناء على شموله للمقام، و قوله: وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ
اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ.[5] و
صحيح السيّد المتقدّم حرمة كتمانها، و اللّه العالم.
المبحث
الثاني: الحكم المذكور سواء كان وجوبا أو حرمة- عينيّ أو كفائيّ؟
ظاهر
الأدلّة هو الأوّل، كما لا يخفى إلّا أن ظاهر الأصحاب الإطباق على الكفاية، بل
استفاض في عباراتهم نقل الإجماع، و نفي الخلاف على ذلك؛ مؤيّدا بظهور كون الحكمة
في وجوب الأداء و حرمة الكتمان ضياع الحقّ؛ و من المعلوم عدم توقّف ذلك على شهادة
الجميع، كما في الجواهر.[6]
و
إذا شككنا فيه، فهل قضيّة الأصل الأوّلي العينيّة أو الكفائيّة؟ يحتمل الثاني؛
للشكّ في أصل التكليف، فيرجع إلى نفيه عند قيام الغير بالعمل، لكنّ الأقوى كما
قرّرنا في أصول الفقه- هو الأوّل؛ فإنّ تعلّق التكليف و توجّه الخطاب معلوم، و
سقوطه عن
[1] . راجع: وسائل الشيعة، ج 11، ص 225، و ج 18، ص 227.
و التعليل لا يثبت كونه كبيرة، فهو تعبّديّ مع أنّه اشتهر لزوم كون التعليل
عقلائيّا، و هذا الإشكال يجري في جملة من التعليلات المذكورة في صحيح السيّد عبد
العظيم، و اللّه العالم.