قال
اللّه تعالى: قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ.[1]
أقول:
في دلالته على الحرمة نظر، و إثباتها لنا على فرض ثبوتها على الخليل عليه السّلام
ممنوع. نعم، الآية التالية لها تدلّ على المطلوب، و هي قول إبراهيم عليه السّلام:
قالَ وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ.[2]
و
قال تعالى: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.[3]
الآية في نفسها ليست ظاهرة في الحرمة حقّ الظهور؛ لاحتمال سوق النهي مساق الإرشاد.
و
قال تعالى حكاية عن نبيّه يعقوب عليه السّلام: وَ لا
تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا
الْقَوْمُ الْكافِرُونَ.[4]
و
في صحيح أحمد، قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: جعلت فداك- إنّي قد سألت اللّه
حاجة منه كذا و كذا سنة و قد دخل قلبي من إبطائها شيء؟ فقال: «يا أحمد! إيّاك و
الشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك» إنّ أبا جعفر عليه السّلام كان يقول:
«أخبرني عنك لو أنّي قلت لك قولا كنت تثق به منّي»؟ فقلت له: جعلت فداك- إذا لم
أثق بقولك، فبمن أثق و أنت حجّة اللّه على خلقه؟ قال: «فكن باللّه أوثق؛ فإنّك على
موعد من اللّه عزّ و جلّ، أليس اللّه يقول: وَ إِذا سَأَلَكَ
عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ و
قال: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ و قال:
وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا فكن باللّه
أوثق منك بغيره، و لا تجعلوا في أنفسكم إلّا خيرا؛ فإنّه مغفور لكم».[5]
الصحيحة
ظاهرة في تعميم حرمة القنوط من اللّه تعالى في أمور الدنيا و الآخرة،