و
الخبائث: المستكره، النجس، و كلّ شيء فاسد، و كلّ حرام و هو مستعار، كما في
المنجد، و فيه أيضا: «الخبائث: ما كانت العرب تستقذره و لا تأكله، كالأفاعي و
الخنافس».
و عليه
فيحرم أكل كلّ ما يستنفره الطبع، و لعلّ الأظهر بقرينة ذكر أهل الكتاب هو طبع أكثر
أهل العرف في كلّ عصر و مصر، لا طبع أغلب العرب، كما قيل.
و
لسيّدنا الأستاذ الأعظم العلّامة الخوئي دام ظلّه كلام في حاشيته على المكاسب
يناسب نقله، قال (سلّمه اللّه):
إنّ
المقصود من الخبائث كلّ ما فيه مفسدة و رداءة و لو كان من الأفعال المذمومة،
المعبّر عنه في الفارسيّة بلفظ «پليد»، و يدلّ على ذلك إطلاق الخبيث على العمل
القبيح في قوله تعالى: وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي
كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ و يساعده العرف و اللغة، و إذن
فالآية ناظرة إلى تحريم كلّ ما فيه مفسدة و لو من الأعمال القبيحة، فلا تعمّ شرب
الأبوال الطاهرة، و نحوها ممّا تنفر عنها الطبائع[1].
أقول:
إن أراد (حفظه اللّه) أنّ لفظ «الخبيث» و مشتقّاته يطلق على غير ما يستنفره الطبع
و يستقذره أيضا فهو مسلّم و لكن لا يجديه شيئا، و إن أراد أنّه لا يطلق عليه، فهو
مردود قطعا، و خلاف ما نصّ به أهل اللغة، كما مرّ. و عن مفردات الراغب:
المخبث
و الخبيث: ما يكره رداءة و خساسة، محسوسا كان أو معقولا، و أصله الردي، و ذلك
يتناول الباطل في الاعتقاد، و الكذب في المقال، و القبيح في الفعال، و يطلق على ما
لا يوافق النفس من المحظورات ....
و
عن تاج العروس: «الخبيث: ضدّ الطيّب ...». و هذا فليكن مفروغا عنه.
و
إن أراد أنّ اللفظة المذكورة و إن تطلق عليه لكنّها غير مستعملة في الآية الكريمة،
فهو بلا دليل، بل الدليل على خلافه؛ فإنّ اللفظ ينصرف إلى الخبيث الحسّيّ، و لا
سيّما الأطعمة و الأشربة التي يستقذرها الطبع و يستنفرها، خصوصا بعد تقدّم كلمة
الطيّبات،