في السؤال؛ و ذلك لأنّ الفعل
الذي يترتّب عليه إيذاء المؤمن يتصوّر على أقسام:
الأوّل:
ما يترتّب عليه الإيذاء من دون التفات الفاعل.
الثاني:
ما يترتّب عليه الإيذاء مع علم الفاعل و التفاته، و لكنّه لم يفعل ذلك بداعي
الإيذاء، كما إذا فتح شخص محلّا للتجارة و يعلم أنّ جاره يتأذّى من ذلك.
الثالث:
الفاعل لفعل قاصدا به إيذاء المؤمنين، فلا إشكال في دخول هذا القسم في مدلول الآية
الكريمة و صحيحة هشام؛ فإنّه المتيقّن إرادته منهما، كما أنّه لا إشكال في خروج
القسم الأوّل، و إنّما الكلام في القسم الثاني هل إنّه داخل في مدلولهما أم لا؟ و
الظاهر عدم دخوله؛ و ذلك لأنّ الظاهر من قوله تعالى وَ
الَّذِينَ يُؤْذُونَ ... هو أنّهم كانوا قاصدين للإيذاء، و كانوا بصدد
ذلك، فلا إطلاق لها.
و
عليه، فمن لم يكن بفعله قاصدا للإيذاء، بل فعله لغاية أخرى، كالمثال المذكور في
القسم الثاني لا يكون مشمولا للآية الكريمة، و على تقدير الإطلاق، فلا بدّ من رفع
اليد من هذا التعميم، و ذلك لجريان السيرة القطعيّة على جوازه من زمان الأئمّة
عليهم السّلام إلى زماننا هذا، و لا يختلف فيه إثنان، مثلا من تزوّج بزوجة ثانية
يعلم بأنّ زوجته الأولى تتأذّى بذلك، فهل يحتمل أحد حرمة ذلك؟ و منه يظهر حال
الأمثلة المشار إليه في السؤال.
على
أنّه يمكن القول بأن الآية الكريمة غير ناظرة إلى حرمة الإيذاء أصلا فضلا عن
إطلاقها؛ و ذلك لأنّها في مقام بيان إيذاء جماعة المؤمنين و المؤمنات؛ لتلبّسهم
بالإيمان؛ و اعتناقهم العقيدة الإسلاميّة، و ليست في مقام بيان حرمة الإيذاء،
و
اللّه العالم.
أقول:
هذا كلامه فلاحظ و تدبّر فيه.
و
نختم الكلام بما رواه الصدوق بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين عليه السّلام أنّ
رجلا قال له: إنّ هذا زعم أنّه احتلم بأمّي؟ فقال: «إنّ الحلم بمنزلة الظّلّ، فإن
شئت جلدت لك ظلّه- ثمّ قال- لكنّي أؤدّبه به لئلّا يعود يؤذي المسلمين»[1].