ظاهر
المتن- الشرائع- كصريح غيره في اندراج سفر صيد اللهو في سفر المعصية، و لكن حكي عن
المقدّس البغدادي أنّه أنكر حرمته أشدّ الإنكار، و جعله كالتنزّه بالمناظر
البهيجة، و المراكب الحسنة، و مجامع الأنس، و نظائرها ممّا قضت السيرة القطعيّة
بإباحتها، و أورد عليه بكونه اجتهادا في مقابل النصوص و الفتاوى.
أقول:
أمّا مخالفته لظاهر الفتاوى أو صريحها، فممّا لا خفاء فيه. و أمّا النصوص،
فدلالتها على الحرمة غير واضحة ... اللّهمّ إلّا أن يدّعى انجبار قصورها بفتوى
الأصحاب و فهمهم، و هو لا يخلو عن تأمّل. نعم، إن قلنا بحرمة اللهو مطلقا- كما
ربّما يظهر من كلماتهم التسالم عليه- اتّجه الاستدلال على حرمة سفر الصيد الذي قصد
به التنزّه المسمّى في عرفهم بصيد اللهو بأنّه لهو، كما يشهد به قوله في صحيحة
زرارة المتقدّمة:
«إنّما
خرج في لهو»، و لكن حرمة مطلق اللهو بحيث يعمّ مثل التنزّه بالصيد لا تخلو عن
تأمّل. هذا كلام هذا الفقيه المحقّق قدّس سرّه[1].
أقول:
لا ينبغي الشكّ في دلالة صحيحة حمّاد المتقدّمة على الحرمة، و ما ذكره سيّدنا
الأستاذ المحقّق و هذا المحقّق ممّا لا ينبغي الالتفات إليه، لكن بقي هنا شيء و
هو أنّ المذكور في الحديث هو مطلق الصيد دون الصيد اللهويّ، لكنّ الإطلاق المزبور
لا يكون قرينة للحمل على الكراهة، بل يرفع اليد عن الإطلاق، و يقيّد باللهويّ،
فتدبّر.
فإنّه
لا مقيّد له، فلا بدّ من الحكم بحرمة الصيد مطلقا و هو كما ترى. و أمّا حكم مطلق
اللهو، فسيأتي في حرف «ل»[2].
328.
صيد البرّ على المحرم
قال
اللّه تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى
عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ
[2] . إنّ صحيحة حمّاد تدلّ على أنّ الامتناع بالاختيار
لا ينافي الاختيار تكليفا و عقابا. و الحقّ أنّه لا شكّ في جواز أكل الميتة عند
الاضطرار و إن كان حراما؛ لأنّ حفظ النفس أكثر مصلحة من مفسدة أكل الميتة، و هذا
الجواز عقليّ، فافهم المقام جيّدا.