هذا من جهة، و من جهة أخرى أنّ
الظاهر من الآية اختلاف الظنّ الكثير و بعض الظنّ في الكمّيّة، و من قال
باتّحادهما، فقد رفع اليد عن الظاهر بلا دليل، و من هذين الأمرين نستنتج عدم حرمة
مطلق سوء الظنّ؛ لأنّ كلّ حرام له إثم إلّا أن يدلّ دليل على العفو.
و
التحقيق أن يقال: إنّ الكثير من الظنّ (أي سوء الظنّ) بتمام أفراده حرام، و العلّة
في الحرمة المذكورة هي المفسدة الكائنة في جملة أفراد هذا الظنّ (أي الظنّ السوء
المخالف للواقع[1]، فحيث
إنّ في بعض أفراده مفسدة من التنقيص)، و مخالفة الواقع، أمر اللّه باجتناب جميع
أفراده، أي يخالف الواقع أو يطابقه.
ثمّ
إنّ الظنّ و إن كان في الأغلب أو الغالب قهريّا غير أنّ بقاءه اختياريّ، يمكن
زواله بالتلقين بخلافه وجدانا، و لذا لا داعي إلى صرف المنع إلى آثار الظنّ و هي
الجري على وفقه، كما قالوا.
ثمّ
إنّ الآية مطلقة تشمل جميع المسلمين، كما لا يخفى، و قد سبق في بحث حرمة التهمة ما
ينفع للمقام، فلاحظ، بل الظاهر اتّحاد المسألتين، فتدبّر.
تسويد
الثوب
في
موثّق أبان عن الصادق عليه السّلام ... فقالت أمّ حكيم: ما ذلك المعروف الذي أمرنا
اللّه أن لا نعصيك فيه؟ قال: «لا تلطمن خدّا، و لا تخمشن وجها، و لا تنتفن شعرا، و
لا تشققن جيبا، و لا تسودّن ثوبا، فبايعهنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على
هذا»[2]، إلخ.
و
إنّي لم أجد عاجلا ما يصرف ظهور النهي في الموثّقة عن الحرمة إلى الكراهة المصطلحة
غير السيرة الخارجيّة بين العوامّ و لعلّها تكفي للصرف المذكور، و لا سيّما بضميمة
أنّ المسألة محلّ ابتلاء لعامّة النسوان، فلو كان لبس السواد حراما لاشتهر و