مؤمن إلّا كان اللّه عند ظنّ
عبده المؤمن؛ لأنّ اللّه كريم بيده الخير يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به
الظنّ ثمّ يخلف ظنّه و رجاءه، فأحسنوا باللّه الظنّ، و ارغبوا إليه»[1].
و
في صحيح ابن الحجّاج عن الصادق عليه السّلام، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
آله: «إنّ آخر عبد يؤمر به إلى النار فيلتفت، فيقول اللّه جلّ جلاله: اعجلوه، فإذا
أتي به، قال له: عبدي لم التفتّ؟
فيقول:
يا ربّ! ما كان ظنّي بك هذا. فيقول اللّه جلّ جلاله: عبدي ما كان ظنّك بي؟ فيقول:
يا ربّ! كان ظنّي بك أن تغفر لي خطيئتي و تدخلني جنّتك؛ قال:
فيقول
اللّه جلّ جلاله: ملائكتي! و عزّتي، و جلالي، و آلائي، و ارتفاع مكاني! ما ظنّ بي
هذا ساعة من حياته خيرا قطّ، و لو ظنّ بي ساعة من حياته خيرا، ما روّعته بالنار،
أجيزوا له كذبه، و أدخلوه الجنّة.- ثمّ قال أبو عبد اللّه:- ما ظنّ عبد باللّه
خيرا إلّا كان له عند ظنّه، و ما ظنّ به سوء إلّا كان اللّه عند ظنّه به؛ و ذلك قول
اللّه عزّ و جلّ: وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ
أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ[2].
282.
سوء الظنّ بالمؤمنين
قال
اللّه تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ
الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ[3].
أقول:
المراد من الكثير من الظنّ هو الظنّ السوء؛ فإنّ الظنّ الخير مأمور به. قال اللّه
تعالى: لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ
الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً.
أقول: و يحتمل حمل المنع على
الإرشاد، كما يحتمل حمله على المولويّة. و لا يبعد اختصاص سوء الظنّ الممنوع بعدم
الغفران و غيره ممّا يرجع إلى الآخرة، فمن ظنّ- و لو لأجل التجربة- بأنّ اللّه لا
يقضي حاجته، لم يرتكب إلّا المرجوح و ترك الأفضل. ثمّ أنّ الآية المشار إليها في
الحديث الأخير تمنع عن الظنّ بأنّ اللّه لا يعلم كثيرا ممّا يعلمه الناس.