نذكر
هنا عين ما ذكرنا سابقا في رسالتنا المختصرة المعمولة في الغيبة.
هنا
مسألتان: أحدهما: حرمة استماع الغيبة. و ثانيهما: وجوب الردّ على متكلّم الغيبة،
دفاعا عن المغتاب. و على كلّ منهما روايات، و لكنّها ضعيفة سندا، و أكثرها دلالة
أيضا. و ليس تطمأنّ النفس بصدور بعضها عن المعصوم عليه السّلام بحيث يدلّ على
المقصود دلالة ظاهرة، فالأظهر هو عدم حرمة الاستماع و عدم وجوب الردّ إلّا بعنوان
النهي عن المنكر.
و
قيّد سيّدنا الأستاذ الخوئي الجواز- على تقديره[1]-
بما إذا لم يرض السامع بالغيبة، أو لم يكن سكوته إمضاء لها؛ أو تشجيعا للمتكلّم
عليها، أو تسبيبا للاغتياب من آخر و إلّا كان حراما من هذه الجهات[2].
أقول:
قد مرّ ما يتعلّق بالرضا بالحرام و بالتسبيب. و أمّا حرمة الإمضاء، فيمكن القول
بها بدخوله في الغيبة؛ لعدم الفرق فيها- كما يأتي- بين التكلّم و سائر أقسام
البيان. و أمّا حرمة التشجيع، فيمكن أن يستدلّ عليها بالعقل، و بما دلّ على حرمة
الرضا بالحرام؛ لأنّ التشجيع- غالبا- عن رضى المشجّع بالعمل المشجّع عليه، و
بمعتبرة حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن قول الزور؟
قال: «منه قول الرجل للذي يغنّي: أحسنت»[3]،
و لا خصوصيّة للغناء.
ثمّ
قال الأستاذ: «بل تحرم مجالسته (أي المغتاب)- بالكسر- للأخبار المتظافرة الدالّة
على حرمة المجالسة مع أهل المعاصي».
و
العمدة من هذه الروايات المتظافرة صحيحة سيف عن عبد الأعلى بن أعين، عن الصادق
عليه السّلام: «من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر، فلا يجلس مجلسا ينتقص (يعاب)
فيه
[1] . و قد نفى الأستاذ المذكور الخلاف بين الخاصّة و
العامّة في حرمة استماع الغيبة، و كفى بهذا موجبا للاحتياط بترك الاستماع.