و هو يدلّ على منعهم من هذا
النوع من الأسئلة، و لعلّ المراد بها السؤال عمّا علم بطلانه بضرورة العقل أو
الدين كإرائة اللّه جهرة مثلا، و كذا المقترحات السفهيّة، و اللّه العالم.
254.
السؤال من غير حاجة
دلّت
روايات على منع السؤال من غير حاجة، لكنّها بأسرها غير نقيّة سندا أو دلالة[1]،
و لا يبعد أن يكون السؤال المذكور حراما على الأغلب من جهة العناوين الأخر،
كالإهانة، و الإذلال و نحوهما بدعوى أنّ إذلال النفس كإذلال الغير في الحرمة و لو
بتنقيح المناط، بل في حسنة إبراهيم بن عثمان عن الصادق عليه السّلام: «قال رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
إنّ
اللّه تبارك و تعالى أحبّ شيئا لنفسه و أبغضه لخلقه، أبغض اللّه عزّ و جلّ لخلقه
المسألة، و أحبّ لنفسه أن يسأل»[2]. هذه
الرواية المعتبرة سندا ظاهرة في الحرمة، و لا أجد رأي المشهور فيه و إن كان ظاهر
عنوان جامع الأحاديث هو الحرمة و الأحوط المنع في غير فرض الحاجة.
و
هنا رواية تعجبني جدّا، و يجدر أن أذكرها و إن لم تدلّ على الحرمة، و هي صحيحة أبي
بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «جاءت فخذ من الأنصار إلى رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله فسلّموا عليه، فردّ عليهم السلام. فقالوا: يا رسول اللّه!
إنّ لنا إليك حاجة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: هاتوا حاجتكم، قالوا:
فإنّها حاجة عظيمة، فقال: هاتوها ما هي؟ قالوا:
تضمن
لنا على ربّك الجنّة؟ قال: فنكس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رأسه، ثمّ نكت
في الأرض، ثمّ رفع رأسه، فقال: أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا قال: فكان
الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان ناولنيه؛ فرارا من
المسألة، و ينزل فيأخذه، و يكون على المائدة و يكون بعض جلسائه أقرب إلى الماء
منه، فلا يقول: ناولني حتّى يقوم فيشرب»[3].
[1] . راجع: وسائل الشيعة، ج 6، ص 305؛ جامع الأحاديث،
ج 9، ص 582- 605.