إنّ الركون المنهيّ عنه في
الآية أخصّ من الولاية المنهيّ عنها في آيات كثيرة؛ فإنّ الولاية هي الاقتراب منهم
بحيث يجعل المسلمين في معرض التأثّر من دينهم، أو أخلاقهم، أو السنن الظالمة
الجارية في مجتمعاتهم و هم أعداء الدين.
و
أمّا الركون إليهم، فهو بناء الدين أو الحياة الدينيّة على ظلمهم، فهو أخصّ من
الولاية موردا، أي أنّ كلّ مورد فيه ركون، ففيه ولاية من غير عكس كلّيّ، و بروز
الأثر في الركون بالفعل، و في الولاية أعمّ ممّا يكون بالفعل. إلخ-
و
قال أيضا:- إنّ الآية بما لها من السياق المؤيّد بإشعار المقام إنّما تنهي عن
الركون إلى الذين ظلموا فيما هم فيه ظالمون، أي بناء المسلمين دينهم الحقّ أو
حياتهم الدينيّة على شيء من ظلمهم، و هو أن يرعوا في قولهم الحقّ، و عملهم الحقّ
جانب ظلمهم و باطلهم حتى يكون في ذلك إحياء الحقّ بسبب إحياء الباطل، و مآله إلى
إحياء حقّ بإماتة حقّ آخر، كما تقدّمت الإشارة إليه.
و
أمّا الميل إلى شيء من ظلمهم و إدخاله في الدين أو أجراؤه في المجتمع الإسلامي أو
في ظرف الحياة الشخصيّة، فليس من الركون إلى الظالمين، بل هو دخول في زمرة الظالمين[1]،
انتهى كلامه.
أقول:
و من أراد مزيد التطلّع حول الموضوع، فعليه بمراجعة تفسير المنار، و تفسير
الميزان؛ فإنّهما قد بسطا الكلام فيه، و لا بدّ من المراجعة و التحقيق؛ إذ لا نصّ
معتبر لتفسير الآية. و جهات البحث فيها هي ما يلي.
1.
ما حقيقة الركون؟ و فيها أقوال: الميل، الميل اليسير، السكون، الاطمئنان،
الاعتماد، و غير ذلك.
2.
ما هو الذي لا يجوز الركون إليهم فيه؟
3.
من هم الظالمون؟
و
قد كتب لنا بعد هذا سيّدنا الأستاذ الخوئي (دام ظلّه) ما هذا لفظه:
الظاهر
أنّ النهي في الآية الكريمة عن الاعتماد على الظالمين في أمور الدين لا مطلقا؛ إذ