أقول: الأحسن حملها على القاضي
غير المستأهل للقضاء أو السلطان على الجائر الخائن، كما في تلك الأزمان بأن يكون
القاضي من أعوان الظلمة، أو كونه هو الظالم و إلّا فيجوز ارتزاق القاضي الجامع
للشرائط من بيت المال[1]، و الفرق بين الأجرة و
الارتزاق أنّ الأجرة تفتقر إلى تقدير العمل و العوض و ضبط المدّة، و الأخير منوط
بنظر الحاكم من غير أن يقدّر بقدر خاصّ.
قال
سيّدنا الأستاذ الخوئي دام ظلّه:
ثمّ
الظاهر أنّه لا يجوز أخذ الأجرة و الرشوة على تبليغ الأحكام الشرعيّة، و تعليم
المسائل الدينيّة، و أنّ منصب القضاوة و الإفتاء و التبليغ يقتضي المجّانيّة.
أقول:
اقتضاء المجّانيّة مستند إلى إطلاق موثّقة عمّار حيث تنفي الأجرة و الجعل. و أمّا
الإفتاء و التبليغ، فالاقتضاء المذكور لا بدّ و أن يفهم من أدلّتها و لا يخلو عن
غموض، أو يقال بأهمّيّة الإفتاء و تبليغ الدين من القضاء، لكنّ المتيقّن صورة
الانحصار، و كيف ما كان يجب على الآخذ ردّ ما أخذه، لبقاء المال على ملك مالكه،
لاحظ هيأة «الأجر» في أوائل هذا الكتاب.
تتمّة
في
صحيح محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يرشو الرجل
الرشوة على أن يتحوّل من منزله فيسكنه؟ قال: «لا بأس به»[2].
قال صاحب الوسائل قدّس سرّه:
«الظاهر
أنّ المراد المنزل المشترك بين المسلمين، كالأرض المفتوحة عنوة، أو الموقوفة على
قبيل، و هما منه»، انتهى.
[1] . بيت المال عندهم- كما قيل- عبارة عن الأموال التي
تجمع عند وليّ المسلمين من الأموال التي مصرفها الجهات العامّة، كخراج الأراضي
المفتوحة عنوة، و مقاسمتها، و الجزية، و سهم سبيل اللّه من الزكاة، و الأوقاف
العامّة التي وقفت لمصالح المسلمين عموما، و المال الموصى به كذلك، و الأموال التي
مصرفها وجوه البرّ و غير ذلك، و مصرفها هي المصالح العامّة إجماعا.