قال
اللّه تعالى: وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَ
تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ
بِالْإِثْمِ[1].
دلّت
هذه الآية على تحريم إعطاء المال لإبطال حقّ الغير، و تمشية الباطل، سواء كان
الإدلاء بعنوان الرشوة أو بعنوان الهديّة بداعي إصدار الحكم له باطلا. و يمكن أن
يقال بحرمة أخذه للحكّام أيضا للملازمة العرفيّة بين الإعطاء و الأخذ، و لإطلاق
صدر الآية. و قد ادّعي أنّ حرمة الرشوة- في الجملة- من ضروريات الدين، و ممّا قام
عليه إجماع المسلمين.
و
في خبر سماعة، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «السحت أنواع كثيرة: منها:
كسب الحجّام إذا شارط[2]، و أجر
الزانية، و ثمن الخمر. و أمّا الرشا في الحكم، فهو الكفر باللّه العظيم»[3]
و هذه الجملة وردت في عدّة من الروايات:
منها:
موثّقة عمّار بناء على أنّ أبا أيّوب الوارد في سندها هو أبو أيّوب الخزّاز الثقة.
أقول:
ظاهر الرواية- على عكس ظاهر الآية أو صريحها- هو بيان حرمة أخذ الرشوة. و قضيّة
إطلاقها عدم الفرق في كون سبب الأخذ هو إحقاق حقّ، أو إبطاله مع علم الحاكم بالحقّ
و عدمه.
و
في رواية عمّار بن مروان جعل من السحت أجور القضاة[4]،
لكنّ في سندها أبا أيّوب و هو لا يخلو عن كلام؛ لاشتراكه بين الثقة و المجهول، و
لكن لا يبعد كونه هو الثقة إن شاء اللّه.
و
في صحيح عبد اللّه بن سنان، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن قاض بين
القريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق؟ فقال: «ذلك السحت»[5].