و
معنى الآية- و اللّه أعلم- وَ لا تَجْعَلُوا اللَّهَ
عُرْضَةً تتعلّق بها أيمانكم التي عقدتموها بحلفكم أن لا تبرّوا و تتّقوا و
تصلحوا بين الناس؛ فإنّ اللّه سبحانه لا يرضى أن يجعل اسمه ذريعة للامتناع عمّا
أمر به من البرّ و التقوى و الإصلاح بين الناس ... و على هذا، يصير قوله تعالى:
أَنْ تَبَرُّوا إلخ بتقدير «لا» أو لأن تبرّوا و هو شائع، مع «أن» المصدريّة كقوله
تعالى: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا[3]،
أي لن لا تضلّوا أو كراهة أن تضلّوا.
و
يمكن أن لا يكون بتقدير «لا» و قوله تعالى: أَنْ تَبَرُّوا
متعلّقا بما يدلّ عليه قوله تعالى: وَ لا تَجْعَلُوا من
النهي أي ينهاكم عن الحلف الكذائيّ، أو يبيّن حكمه الكذائيّ أن تبرّوا و تتّقوا و
تصلحوا بين الناس.
و
يمكن أن يكون «العرضة» بمعنى ما يكثر عليه العرض، فيكون نهيا عن الإكثار من الحلف
باللّه سبحانه، و المعنى: لا تكثروا من الحلف باللّه؛ فإنّكم إن فعلتم ذلك أدّاكم
إلى أن لا تبرّوا و لا تتّقوا و لا تصلحوا بين الناس؛ فإنّ الحلّاف الكثير من
اليمين لا يستعظم ما حلف به ....
و
الأنسب على هذا المعنى أيضا عدم تقدير «لا» في الكلام، بل قوله تعالى:
أَنْ تَبَرُّوا منصوب بنزع الخافض، أو مفعولا له بما يدلّ عليه النهي في قوله:
وَ لا تَجْعَلُوا.
[1] . قال بعض المفسّرين: العرضة من العرض، و كإراءة
الشيء للشيء حتّى يرى صلوحه، كما يريده و يقصده، كعرض المال للبيع، و عرض المنزل
للنزول، و عرض الغذاء للأكل ... و الإيمان جمع يمين، مأخوذة من اليمين بمعنى
الجارحة؛ لكونهم يضربون بها في الحلف و العهد و البيعة، فاشتقّ من آلة العمل اسم
العمل للملازمة بينهما، كما يشتقّ من العمل اسم آلة العمل، كالسّبابة للأصبع التي
يسبّ بها. الميزان، ج 2، ص 232.