مطلق يشمل الكفّار أيضا، و
التخصيص بالمسلمين أو المؤمنين تخصيص للأكثر المستهجن، فتأمّل؛ إذ يمكن أن يقال:
إنّ التباغض بين الطرفين و أنّه حالقة الدين فيكون المراد التباغض بين أهل الدين[1].
و
الحديث الثاني جعل أشدّيّة الفتنة على الأمرين معا، لكن لا مطلقا، بل فيما إذا
ترتّب عليهما اشتباه المؤمن و المنافق.
و
الأخير لا يدلّ- دلالة واضحة- على حرمة بغض بعض أفراد الشيعة؛ لأجل أمور عارضة في
ميدان المعاشرة، بل الظاهر منه اعتبار عنوان الطائفة في الحكم، كما يفهم من قوله
عليه السّلام: «من ردّ عليهم، فقد ردّ على اللّه ...»؛ إذ لا شكّ في جواز الردّ
على الشيعة في الأمور العادية، بل على العلماء الأعلام و رؤساء المذهب في الأحكام
الشرعيّة حسب ما تقتضيه القواعد العلميّة. و الثالث: على فرض اعتباره لا بدّ من
تأويله أو ردّ علمه إلى قائله؛ إذ لا يمكن الأخذ بطاهره، و اللّه و رسوله و خلفاؤه
أعلم بحقائق الأحكام[2].
قال
المحقّق في بحث العدالة من شروط الشاهد في كتاب الشهادة من الشرائع: «الحسد معصية،
و كذا بغضة المؤمن، و التظاهر بذلك قادح في العدالة». و عقّبه في الجواهر بقوله:
للنهي
عن التعادي و التهاجر، و الأمر بالتحابب و التعاطف في النصوص التي لا تحصى، و لكنّ
الظاهر أنّ ما يجده الإنسان من الثقل من بعض إخوانه لبعض الأحوال و الأفعال، أو
لغير ذلك، ليس من البغض إن شاء اللّه؛ فإنّه لا ينفكّ عنه أحد من الناس. هذا، و في
كشف اللثام و غيره أنّه لمّا كان كلّ منهما قلبيّا قال: و التظاهر بذلك قادح في
العدالة.
بل
في المسالك: و إن كانا محرّمين بدون الإظهار، لكنّ في محكيّ المبسوط: إن ظهر منه
سبّ و قول فحش، فهو فاسق و إلّا ردّت شهادته للعداوة، و قال الصادق عليه السّلام
في خبر حمزة بن حمران: «ثلاثة لم ينج منها نبيّ فمن دونه: التفكّر في الوسوسة في
الخلق، و الطيرة، و الحسد، ألا إنّ المؤمن (من) لا يستعمل الحسد»، فيمكن أن يقال:
إنّ التظاهر بها
[1] . أقول: في اعتبار صحيح الخزّاز و صحيح هشام و حفص
إشكال قويّ؛ لأنّ مصدرهما كتاب صفات الشيعة، و يظهر من بحار الأنوار، ج 1، ص 26
تردّد المجلسي في اعتباره، فعلى هذا، لا تعتبر أحاديثه.
[2] . و سيأتي في آخر عنوان« الاتّهام» قوله عليه السّلام
في الصحيح:« و إذا قال- الرجل لأخيه-: أنت عدوّي كفر أحدهما» و معناه كفر القائل
إن كذب على أخيه المؤمن، و كفر المخاطب إن كان القائل صادقا في دعواه، و لازمه
حرمة العداوة إلّا أن يراد من الكفر بعض مراتبه التي لا يلازم الحرمة. فلا بدّ من
التأمّل في المقام.