و أمّا الأذى، فقد مرّ أنّه
حرام. و أمّا الرواية، فعلى فرض دلالتها على الحرمة لا يبعد أن يقال فيها: إنّ
المنّ الكثير- المستفاد من صيغة المبالغة- إيذء للقابض، فيحرم من هذه الجهة.
الأظهر أنّ المنّ على اللّه تعالى بإتيان العبادات، و على الناس بالإحسان إليهم
يوجب حرمان المنّان من الثواب و الجنّة، و لا دلالة للرواية على أزيد من ذلك.
إبطال
الأعمال
أَطِيعُوا
اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ[1].
المدقّق
في ما قبل هذه الآية و بعدها يفهم أنّ النهي المذكور إرشاديّ يرشد إلى أنّ الكفر
يبطل الأعمال، فلا بدّ من إدامة الإيمان حتى الموت؛ لئلّا يضيع أجر الأعمال
الصالحة، و ليس النهي مولويّا يدلّ على الحرمة الشرعيّة، فلاحظ.
117.
إبطال عمل الغير
هل
يحرم إبطال أعمال الغير إذا كانت عباديّة، كالصلاة، و الصوم، و الحجّ، و الاعتكاف،
و نحو ذلك؟
قد
يكون الإبطال مستلزما للإيذاء و مزاحمة الناس في سلطنتهم على أفعالهم، و هذا ممّا
لا شكّ في حرمته حتّى في غير العبادات، فإنّه ظلم.
و
قد لا يكون كذلك، كما في صورة الصداقة، و الخلّة بين العامل و المبطل، فيدخل الماء
في حلق الصائم أو يضحكه، فتبطل صلاته مثلا.
يمكن
أن يستدلّ على حرمته بقوله تعالى: وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ
لكن مرّ ما فيه. و لا يبعد أن يفصّل بين ما يحرم قطعه على المكلّف العامل، و ما لا
يحرم، فيحكم بحرمة إبطال الأوّل على الغير دون الثاني؛ استنادا إلى مذاق الشرع،
كما أنّ رضى المكلّف بإبطال عمله من الغير تجرّؤ محرّم.