ثمّ لا يخفى الفرق بين البدعة و
الاحتياط؛ إذ الأوّل إدخال ما ليس من الدين في الدين، و التزام أنّه منه. و
الثاني: إتيان عمل أو تركه باحتمال أنّه من الدين من دون إدخاله فيه، و التزام
أنّه منه، فلذا كان الثانى انقيادا و حسنا شرعا و عقلا مع أنّ الأوّل قبيح عقلا و
حرام شرعا.
110.
تبديل الأزواج على الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله
قال
اللّه تعالى: لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ
بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ
يَمِينُكَ وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً[1].
الآية
ظاهرة في حرمة تزويج النساء عليه صلّى اللّه عليه و آله، و تبديل أزواجه بغيرهنّ
بعد نزول الآية الشريفة.
و
لكنّ في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام ... قلت: قوله: لا
يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ من بعد؟ قال: «إنّما عنى بها النساء اللاتي حرّم
عليه هذه الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَ بَناتُكُمْ وَ
أَخَواتُكُمْ إلى آخر الآية. و لو كان الأمر كما يقولون، قد أحلّ لكم ما لم يحلّ
له. إنّ أحدكم يتبدّل كلّما أراد و لكن ليس الأمر كما تقولون. إنّ اللّه عزّ و جلّ
أحلّ لنبيّه ما أراد من النساء إلّا ما حرّم عليه في هذه الآية التي في النساء».
و
قريب منه ثلث روايات أخر لكنّ إسنادها ضعيفة[2]،
و عليه، فلا يكون حرمة النساء عليه صلّى اللّه عليه و آله من خصائصه، و لا حكما
جديدا؛ إذ تلك النساء يحرّمن على الجميع، و سيأتي في عنوان «النكاح» و ظاهر
الرواية عدم حرمة التبديل عليه أيضا.
أقول:
المتيقّن من حجّيّة الأخبار ما لم يخالف القرآن و إلّا فلا يعمل بها، كما في
المقام؛ خلافا للشهيد الثاني في مسالكه حيث التزم بالرواية مع أنّ متنها أيضا لا
يخلو من إيراد؛ إذ لا شكّ أنّ للنبيّ خصائص- واجبة و محرّمة- لم تشمل أمّته، فلا
معنى للإنكار عليها (قد أحلّ لكم ما لم يحلّ له ...) على أنّ تخصيص النساء في
الآية