غير ظاهر؛ لعدم دلالة كلام
الصدوق على أنّ الكتب المشهورة المعوّل عليها هي لمن بدأ بهم الرّوايات في الفقيه،
بل مؤداه أنّ روايات كتابه مستخرجة من تلك الكتب، و إن أريد مدح أرباب الكتب، فله
وجه، و احتمال أنّ التعويل لوجود قراين اجتهادية سوى الوثاقة ضعيف جدّا، و لا حظ
أسماء جماعة من هؤلاء في البحث التّاسع عشر الآتي.
و
أمّا القول الثّاني ففيه: إنّ شهرة كتاب و كونه معتمدا عليه، و ان تثبتا اعتباره
لكن لا بدّ من تمييز الكتب المشهورة عن غيرها، فلاحظ كلامه في البحث التاسع عشر، و
لاحظ آخر البحث الخامس و الأربعين من هذا الكتاب.[1]
12.
تصحيح رواية، توثيق لرواتها، فإنّ الحكم بصحّة رواية لا يصحّ إلّا مع إحراز وثاقة
رواتها، فإذا صحّح أحد الأعلام رواية، فهو توثيق منه لرواتها. و قيل: بعدم
استلزامه التّوثيق إذا كان المصحّح لم يكثر تصحيحاته لاحتمال الغفلة، و أمّا إذا
كثرت فيكون تصحيحه توثيقا.
و
قد قيل غير ذلك.
و
إعلم أنّ تصحيح رواية ربّما يكون من جهة القرائن الخارجيّة، كما يعلم من ديدن
القدماء، فلا يرتبط بوثاقة الرّواة، بل إذا كان التّصحيح بملاحظة نفس السند، و كان
المصحّح ممّن يقبل قوله في التّوثيق و التحسين، يمكن المنع أيضا لاحتمال أنّ
الحاكم بالصّحة يعتقد أصالة العدالة، و إنّ كلّ مؤمن لم يظهر فسقه فهو عادل، كما
عن الشّيخ رحمه اللّه[2]. و هذا
المبني لا نذهب إليه.
أقول:
و ينتقض هذا المنع الّذي ذكره سيّدنا الأستاذ الخوئي رحمه اللّه[3]
و غيره بالتوثيق على تفسير المتأخّرين، فلا يجوز قبول التّوثيقات الصادرة عن
الرجاليّين؛ لاحتمال اعتقادهم بأصالة العدالة فينحصر القبول في التحسينات.
و
أجاب عنه بعضهم: بأنّ عدالة مثل الشّيخ و التفاته إلى الخلاف في معنى العدالة،
تقتضيان إرادته بالعدالة فيمن أثبت عدالته من الرّواة، العدالة المتفق عليها ...
لكنّه
تخرّص و حدس من دون دليل، مع جريانه في التّصحيح أيضا.
[1] . و لا ثمرة لهذا القول الثّاني، إذ كلّ كتاب صرّح
الصدوق بشهرته و الاعتماد عليه، كما يأتي في البحث التاسع عشر فطريقه اليه معتبر
في مشيخة الفقيه.
[2] . قيل: إنّ مختار الشّيخ في العدالة إنّها ظهور
الإسلام، بل ظاهره كونه مشهورا بينهم، انظر: مقدّمة تنقيح المقال: 1/ 176، و قد
تقدّم ما بيّنا في هذه الدعوي من كلام الشيخ الأنصاري، في التعليقة، الصفحة: 12.