و يأتي في الدرجة التالية حالة المواجهة و الصراع بين الخصوصيات للأفراد و الجماعات، و هو الأمر الذي تفرضه حاجات الحياة، و حركتها المستمرة ..
غير أن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة صريحة و صحيحة هو: هل أن الابتلاء و الاختبار الذي ذكر في هذه الآية المباركة، يأتي في دائرة اختيار الإنسان؟ أم أنه يحصل خارج دائرة اختيار الإنسان؟! بمعنى أن الاختبار و الابتلاء أمر تكويني و تصرف إلهي قاهر للإنسان، و مفروض عليه تماما كما يختبر الإنسان المعادن و يجري عليها تجاربه، لكي تأتيه النتائج من خلالها، من دون أن يكون لتلك المعادن أي دور في القبول أو الرد ..
و الجواب:
أن الاختبار إنما هو في دائرة اختيار الإنسان، و من خلال رفضه و قبوله و ممارسته، و على أساس ذلك و من خلاله تتكون خصائصه و تتنامى و تتكامل ميزاته .. مما يعني أن الاختلاط و الأمشاجية في النطفة، لا يعني الجبرية، و لا يسلب الاختيار[1]، و نقصد بها نطفة الرجل و بويضة
[1] فإن ما يزعمون أنه أسباب شر في الإنسان، و هي غرائزه، و ملكاته، و ميوله، ما هي إلا أسباب الخير له و فيه .. بل هي نعم كبرى عليه، و من أهم أسباب حفظ وجوده، و بناء حياته .. إذا أحسن الاستفادة منها، و لم يستعملها في غير السبيل الصحيح ..
فإذا أعطاك طبيبك دواء، و أسأت استعماله، و جلب لك الضرر، فذلك ليس ذنب الدواء، و لا هو ذنب الطبيب، بل الطبيب ناصح متفضّل، و الدواء نافع و لازم. و المذنب هو من أساء استعماله. و لم يدر لنصائح الطبيب باله ..