أصبح هذا الإطعام أعظم قيمة، و أشد أهمية، إذا لوحظت جميع الخصوصيات التي أشرنا إليها ..
6- الأسير .. و الباذلون: في اليوم الثالث:
و يطوي الصائمون ليلتهم، و لا يقدرون على شيء إلا على شرب الماء، و يصومون يوما ثالثا هو الأشد، و الأقسى، و الأمض، و قد أصبحت الأخطار الجسام تتهدد صفوة الخلق، و صبية هم خيرة اللّه، و حججه على عباده، بصورة أعظم و أقوى ..
و يحين وقت الإفطار، و هو ما يجعل النفوس أيضا تهفوا و تتطلع إلى الطعام، فكيف إذا كان ذلك بعد ثلاثة أيام من الطوى. ثم يوضع الطعام أمامهم، و لا يحول بينهم و بينه شيء ..
و قد بلغت خطورة الموقف حدا قاسيا، يدعوهم ليس فقط إلى عدم بذل الطعام، و إنما إلى بذل كل الجهد و التضحية في سبيل الاحتفاظ به ..
و إذا بسائل جديد يطرق الباب .. غير أن حالة هذا السائل كانت أخف الحالات و أهونها، فإنها ليس فقط لا تثير شعورا قويا بالرغبة في مساعدته، بل ربما تكون المثبطات و الموانع عن إعطاء هذا السائل، أكبر و أظهر ..
و لا نريد أن نتحدث عن الحالات، و لا عن الخصوصيات التي كانت في جانب الباذلين، فقد ظهر جانب منها في البيانات السابقة، بل نريد فقط أن نلمح إلى ما كان منها في ناحية السائل .. فنقول:
إنه عدا عن جميع ما لاحظناه من خصوصيات في جانب اليتيم و المسكين .. فإن الأسير رجل مكتمل قوي البنية، قادر على مواجهة الآخرين، حتى بالقتال، و له قدرة على تحمل الصعاب، و مكابدة المشاق ..