و لماذا أيضا جاء فعل الكون بصيغة الماضي، لا المضارع ..
و قد يكون الجواب على السؤال الأول هو: أن الإتيان بلفظ كان، يهدف إلى التأكيد على تحقق هذا الأمر، و حصوله .. فلا محل للبداء في هذا القرار الإلهي.
ثم أن يفهمنا أيضا: أن ما يحصل في ذلك اليوم ثابت و مستمر، فليس هو من الأمور التي تتجدد، و تحتاج في تجددها إلى تجدد إرادة، و إلى صدور قرار جديد، و إلى تسبيب أسباب غير تلك التي كانت.
و بالنسبة للسؤال الثاني نقول: إن الإجابة السالفة الذكر قد تكون كافية فيه، إذ إن من المفيد جدا إفهام الناس أن هؤلاء الأبرار يرون ذلك الأمر بهذا المستوى من الوضوح و اليقين، و كأنه حاضر لديهم، أو كأنهم كانوا قد مروا فيه، و أن ذلك اليوم، و إن كان شره سيأتي في المستقبل ..
لكن لا بدّية إتيانه هي من الثبوت لهم، بحيث يرون أنه قد تحقق و انته، كما أن ذلك يعطي انطباعا عن مدى اهتمامهم به، و عمق شعورهم بالمسؤولية تجاهه. حتى أصبح بإمكانهم الإخبار عنه ..
هذا كله إذا كان الكلام مسوقا لبيان شعورهم بذلك اليوم، و كيفية و مستوى تعاطيهم معه .. و أما إذا كان إخبارا إلهيا ابتدائيا، لم يلحظ فيه حال أحد، فإننا نقول أيضا:
إنه لا معنى للزمان في علم اللّه سبحانه، فإن علمه بالمستقبل و حضوره لديه، هو على حد علمه تعالى بما مضى.
و هذا ما ربما يوضح لنا قوله تعالى: وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ