يخبر عن أمر قد حصل في الماضي، و لا يريد أن يسجل تهديدا مجردا، إذ لو قال: سوف نعد للكافرين كذا و كذا، لا نفتح باب الأمل على مصراعيه بتغير الأمور، و لذهب العصاة باتجاه الاستخفاف و الاستهتار بالأمر و بالآمر ..
فقوله تعالى: «أعتدنا» أصلح في التربية، و أوكد في الزجر، و أشد في الردع.
«للكافرين»:
و قد كان الحديث في بداية الأمر عن الكفور .. و لكنه حين أراد أن يتحدث عن العقوبة الرادعة عبر بلفظ الكافرين ..
و هو يختلف عن الكفور من جهتين.
الأولى: أن الكفور من صيغ المبالغة، الدالة على الشدة و على الكثرة ..
الثانية: أن الكفور صفة للمفرد. أما الكافرون فهي صفة للجمع ..
و ربما يكون الداعي للعدول إلى هذا النحو من البيان هو إظهار: أنه إذا كان هذا هو عقاب الكافر، فكيف يا ترى سيكون عقاب الكفور الذي هو أشد كفرا، و الذي كثر صدور الكفر منه، إلى أن صار كفورا .. فكشف ذلك عن شدة طغيانه، لا بالقول و إظهار الجحود و حسب، و إنما بالفعل و الممارسة أيضا؟! ..
و يؤكد ذلك قوله تعالى: وَ هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ[1] .. حيث دل على أن عقاب الكفور مفروغ عنه، و لا مجال للعفو أو للتخفيف عنه، في