بقاعدة الملازمة، فانّ المورد ليس من موارد «قاعدة الملازمة» لما تكرر منّا: أنّ مورد الملازمة إنّما هو فيما إذا كان الحكم العقلي واقعا في سلسلة علل الأحكام من المصالح و المفاسد التي تبتنى عليها الأحكام، و أمّا إذا كان الحكم العقلي واقعا في سلسلة معلولات الأحكام من الإطاعة و العصيان و ما يستتبعهما من الثواب و العقاب، فلا محل لقاعدة الملازمة، و الحكم العقلي في باب الاحتياط يكون من القسم الثاني [1] لما عرفت: من أنّه طريق محض للتخلص عن فوات المصلحة و الوقوع في المفسدة النّفس الأمرية، فهو نظير حكمه بحسن الإطاعة و قبح المعصية، فلا يمكن إثبات استحباب الاحتياط شرعا من طريق قاعدة الملازمة.
نعم: يمكن أن يستفاد استحبابه الشرعي من بعض الأخبار الواردة في الترغيب على الاحتياط كقوله عليه السّلام «من ارتكب الشبهات نازعته نفسه أن يقع في المحرمات»[1] و قوله عليه السّلام «من ترك الشبهات كان لما استبان له من الإثم أترك» [2] و قوله عليه السّلام «من يرتع حول الحمى أو شك أن يقع فيه»[2] و نحو ذلك من الأخبار التي يمكن أن يستظهر من التعليلات الواردة فيها أنّها من قبيل الحكمة لتشريع استحباب الاحتياط، و إن كان للمنع عن ذلك أيضا مجال.
و على كل حال: لا شبهة في حسنه العقلي و إمكانه في التوصليات بترك ما يحتمل حرمته و فعل ما يحتمل وجوبه.
و أمّا العبادات: فقد استشكل الشيخ (قدس سره) في إمكان
______________________________ [1] أقول: و لقد أجاد فيما أفاد، و لكن في جعل حسنه طريقيا تأمّل إليه قد أشرنا في الحاشية السابقة، فراجع.
[2] الوسائل: الباب 12 من أبواب صفات القاضي الحديث 22 و لفظ الحديث «فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك»