النذر بالواجب- حيث يتأكد الوجوب- و تعلق الظن بشيء من الطواري، فيمكن أن يكون حكم الخمر واقعا هو الحرمة و مظنون الخمرية أيضا حكمه الحرمة و في صورة مصادفة الظن للواقع يتأكد حرمته، هذا إذا لم يكن الظن طريقا محرزا لحكم متعلقه و لم يكن حجة شرعية لذلك.
و أمّا الظن المحرز لمتعلقه و ما يكون حجة شرعية عليه: فلا يمكن أن يؤخذ موضوعا لحكم المماثل، فإنّ الواقع في طريق إحراز الشيء لا يكون من طوارئ ذلك الشيء، بحيث يكون من العناوين الثانوية الموجبة لحدوث ملاك في ذلك الشيء غير ما هو عليه من الملاك، فلو كان حكم الخمر في الواقع هو الحرمة فلا يمكن أن يكون إحراز تلك الحرمة موجبا لطروّ حكم آخر على الخمر المحرز، لأنّ الحكم الثاني لا يصلح لأن يكون باعثا و محركا لإرادة العبد، فإنّ الانبعاث إنّما يتحقق بنفس إحراز الحكم الواقعي المجعول على الخمر، فلا معنى لجعل حكم آخر على ذلك المحرز، و لذلك لا يعقل أخذ العلم موضوعا لحكم مماثل للمتعلق أو لحكم المتعلق، من جهة أنّ العلم بالشيء لا يكون من طوارئ ذلك الشيء الموجبة لملاك آخر غير ما هو عليه.
و الفرق بين العلم و الظن، هو أنّه في العلم مطلقا لا يمكن، لكون إحرازه ذاتيا له، بخلاف الظن، فانّه فيما أخذ حجة شرعية لا يمكن، و فيما لا يؤخذ يمكن بالبيان المتقدم.
فتحصّل: أنّ أخذ الظن موضوعا لحكم آخر لا يضاد حكم متعلقه و لا يماثله بجميع أقسامه يمكن، و هي ستة: فان أخذ الظن موضوعا لحكم آخر، إمّا
______________________________ هذه الصورة التفرقة بين كون الظن المزبور من الجهات التقييدية أو التعليلية- بجوازه في الثاني دون الأوّل- كما سيجيء توضيح هذا المحال في بحث التجري (إن شاء اللّه تعالى).
و العجب أنه جعل باب النذر أيضا من باب التأكد مع أنّ النذر من الجهات التعليلية! و إلّا فلا مدفع للإشكال بعد بطلان التأكد في الطوليين إلّا بنحو أسّسناه في باب التجري: من طولية العنوانين مع وحدة المعنون، كما سيجيء شرحه (إن شاء اللّه تعالى).