رأسا لتصل النوبة إلى الإطاعة الظنية [1] و إلّا كان اللازم هو الاحتياط و لو في المظنونات إذا كان الاحتياط في المشكوكات و الموهومات موجبا للعسر و الحرج.
و العمل بالمظنونات من باب التبعيض في الاحتياط غير الإطاعة الظنية، إذ لا ملازمة بينهما- على ما سيأتي بيانه- فما لم يثبت بطلان الاحتياط كلّا و بعضا في المقدمة الثالثة لا تصل النوبة إلى المقدمة الرابعة لأخذ النتيجة كشفا أو حكومة.
و قد عرفت: أنّ بطلان الاحتياط كلّا و بعضا يتوقف على قيام الإجماع على أحد الوجهين السابقين: أحدهما قيامه على أنّ بناء الشريعة ليس على الإتيان بالتكاليف على سبيل الاحتمال. ثانيهما: قيامه على اعتبار الأصول النافية للتكليف في المشكوكات ليرجع إلى جعل حجة كافية في المسائل، فانّه لو لا قيام الإجماع بأحد الوجهين كان المتعين هو التبعيض في الاحتياط، و مفاد هذا الإجماع- بكلا وجهيه- ليس هو إلّا الكشف.
و الحاصل: أنّ العمل بالمظنونات من باب الاحتياط ليس من الكشف و الحكومة، بل هو من التبعيض في الاحتياط، فانّ الكشف معناه:
حجية الظن شرعا و جعله مثبتا و محرزا لمتعلقه لا مجرد العمل بالظن. و الحكومة عبارة عن الامتثال الظني و الظن بالخروج عن عهدة ما اشتغلت الذّمّة به من التكاليف، و هو قد يحصل من العمل بالمظنونات و قد لا يحصل.
______________________________ آخر- أوّل شيء ينكر، كما أشرنا كرارا.
و بعبارة أخرى: لا وجه لبطلان الاحتياط- بمعنى لزوم تحصيل الجزم بالفراغ- مقدمة لحجية الظن كي يلازم مع الإجماع المزبور بأحد تقريريه، بل غاية ما هو مقدمة لحجية الظن هو بطلان الاحتياط من قبل منجز آخر: من علم إجمالي أو إيجاب احتياط شرعي، و لا أظنّ في معقد الإجماع في كلماتهم أزيد من ذلك، كما لا يخفى.
[1] أقول: إنّ الّذي يحتاج إليه في حجية الظن إنّما هو إبطال مثبت آخر للتكليف تفصيلا أو إجمالا الموجب للاحتياط كلّا أو بعضا، و إبطالها غير منوط بالإجماع المزبور، كما أشرنا إليه.