نعم: في إمكان أخذه تمام الموضوع [1] على وجه الطريقية إشكال، بل الظاهر أنه لا يمكن، من جهة أن أخذه تمام الموضوع يستدعى عدم لحاظ الواقع و ذي الصورة بوجه من الوجوه، و أخذه على وجه الطريقية يستدعى لحاظ ذي الطريق و ذي الصورة و يكون النّظر في الحقيقة إلى الواقع المنكشف بالعلم، كما هو الشأن في كل طريق، حيث إن لحاظه طريقا يكون في الحقيقة لحاظا لذي الطريق، و لحاظ العلم كذلك ينافى أخذه تمام الموضوع. فالإنصاف أنّ أخذه تمام الموضوع لا يمكن إلّا بأخذه على وجه الصفتية. و ربّما يأتي مزيد توضيح لهذه الأقسام الأربعة في المبحث الآتي. هذا كله إذا تعلق العلم بموضوع خارجي.
و أمّا إذا تعلق بحكم شرعي: فيمكن أيضا أخذه موضوعا لحكم آخر غير ما تعلق العلم به، كما لو رتّب وجوب التصدق على العالم بوجوب الصلاة، و يأتي فيه الأقسام الأربعة: من كونه تمام الموضوع، أو جزئه، على وجه الطريقية، أو الصفتية و أمّا أخذه موضوعا بالنسبة إلى نفس الحكم الّذي تعلق العلم به فهو مما لا يمكن إلّا بنتيجة التقييد. و توضيح ذلك: هو أنّ العلم بالحكم لما كان من الانقسامات اللاحقة للحكم، فلا يمكن فيه الإطلاق و التقييد اللحاظي لاستلزامه الدور، كما أوضحناه (في مبحث التعبدي و التوصلي) و قلنا: إن أخذ العلم قيدا جزء أو شرطا أو مانعا ممّا لا يمكن في مرتبة الجعل و التشريع- كما هو الشأن في
______________________________ [1] أقول: توضيح المقام أنّ القطع بل جميع الصفات الوجدانية من الظن و غيره- بل الإرادة و التمني و الترجي و أمثال ذلك من الصفات القائمة بالنفس- ذات إضافة إلى الصور الحاكية عن الخارج بنحو لا يلتفت إلى ذهنيتها في ظرف وجودها مع فرض عدم تعديها من الصورة إلى الخارج و أنّ الخارج ظرف اتصافها بها و أنّ ظرف عروضها الذهن، و حينئذ في ظرف وجودها و إن لا يتصور و لا يلتفت إلى تفكيكها عن الخارج، و لكن مع ذلك يلتفت إلى تعلقه إليه و أنّ الخارج متعلقه و غيره لا نفسه و أنّه منكشف لا عينه، كما أنّ في مقام تصور مفاهيمها لا بأس بتصور تفكيكها عن متعلقاتها أيضا مع فرض تصور جهة عروضها على الصور الحاكية عن الخارج، و هذه الجهة يرجع إلى تصور جهة كاشفيتها و مبرزيتها عن الخارج قبال حيث قيامها بنفس القاطع بما هو صفة من الصفات، و حينئذ لا بأس للجاعل أن يلاحظ هذه الجهة و يجعله تمام الموضوع، كما أنّه يجعله جزئه، كيف! و لو فرض عدم التفات الجاعل إلى هذه الجهة من القطع بل تصوره من حيث المبرزية كان موجبا للغفلة عن نفسه، فلا يعقل أن يجعله أيضا جزء الموضوع، فتدبر.