سنة 786 ه. ق) بين شرحي العميدي و الضّيائي، و هذا الجمع بالحقيقة شرح آخر على كتاب التّهذيب.
و خلاصة القول انّ من زمان العلّامة إلى زمان الشّهيد الثّاني، أي في القرن الثّامن و التّاسع و شطر من القرن العاشر، كان أكثر مدار البحث و الدّرس في الأصول على ما ألّفه العلّامة.
نعم كان للمختصر الحاجبي الّذي ألّفه أبو عمر و عثمان بن عمر بن أبي بكر (المعروف بابن الحاجب المتوفّى سنة 646 ه. ق) في القرن السّابع أيضا شأن عند علماء المذهب، فقد كانوا يدرسونه و يشرحونه و يعلّقون عليه الحواشي، و يرفعون عن وجوه مقاصده الغواشي.
- 10- كان جريان الأمر في تلك القرون على ما حدّد، حتّى مهّد العالم الرّباني زين الدّين بن نور الدّين المشهور بالشّهيد الثّاني (توفّي شهيدا سنة 966) قواعد الاستنباط للمجتهد و سمّاه «تمهيد القواعد».
ثمّ ألّف أبو منصور جمال الدّين حسن بن زين الدّين (ابن الشّهيد الثّاني المتوفّى سنة 1011 ه. ق) كتابه الموسوم ب «معالم الدّين». كتاب المعالم في الأصول لسلاسة تعبيره و سلامة تنظيمه و جودة جمعه و تأليفه صار سهل التناول كثير التّداول بحيث أنسى ما كتبه السّلف، و ما أغنى عنه ما ألّفه الخلف. صنّف المعالم و تداول فيه البحث و الدّرس بين الأعاظم، فأقبلوا عليه بالتّحشية و التّعليق و أمعنوا في مباحثه بالتّدقيق و التّحقيق.
من أحسن تلك التّعاليق و أمتنها و أدقّها و أتقنها ما علّقه عليه العالم الأصولي الشّيخ محمّد تقي (المتوفّى 1248 ه. ق)، و سمّاه ب «هداية المسترشدين».
بعد القرن العاشر إلى عصرنا الحاضر ألّفت في الأصول كتب كثيرة مشهورة و غير مشهورة، لكنه كانت مدارسة كتاب المعالم في جميع المدّة معمولة، و لعلّه يكون كذلك متى كان قلوب طلّاب العلم بتحصيل الأصول مشغولة.