هذا إذا لم يرجع نزاعهما إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح، كما إذا كان نزاعهما بعد حصول الربح و علم أن الذي بيده هو مال المضاربة، إذ حينئذٍ النزاع في قلة رأس المال و كثرته يرجع إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من هذا المال الموجود، إذ على تقدير قلة رأس المال يصير مقدار الربح منه أكثر، فيكون نصيب العامل أزيد، و على تقدير كثرته بالعكس، و مقتضى الأصل كون جميع هذا المال للمالك إلا بمقدار ما أقرّ به للعامل (1). و على هذا أيضاً لا فرق بين كون المال باقياً أو تالفاً بضمان العامل، إذ بعد الحكم بكونه للمالك إلا كذا مقداراً منه، فإذا تلف مع ضمانه، لا بد أن يغرم المقدار الذي للمالك.
المشخص، و لا ريب في أن القول قول المالك فيه؛ لأصالة عدم استحقاق الزائد و أصالة عدم ربح للمال و عدم زيادته و لأنّ الأصل مع بقاء المال يقتضي كون جميعه للمالك، بل هو كذلك حتّى في صورة التلف بتفريط؛ إذ المضمون قدر مال المالك، و إذا كان الأصل يقتضي كون الجميع له إلّا ما أقرّ به للعامل، فهو ضامن له حينئذ؛ إذ الضمان تابع للاستحقاق. و من هنا جزم في جامع المقاصد و المسالك بأنّ القول قول المالك في الفرض و استحسنه في الرياض، و لعلّه أقوى ...»[1]
(1) و فيه منع واضح؛ بتقريب أنه إذا كان بيد العامل ألف درهم و أقرّ أن جميعه مال المضاربة و ليس فيه غير مال المضاربة شيء آخر، و قال في تشريحه: إن مائة درهم منه رأس المال الذي أخذه من المالك و البقية أرباح جُمعت على ضوء المعاملات الواقعة مضاربة و له نصفها طبقاً للشرط، و قال المالك: إن مائة درهم منها ربح فقط و البقية رأس المال المأخوذ منه، فيرجع نزاعهما إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح، حيث إنهما يتفقان على كون خمسين درهماً منها للعامل و اختلفا في الباقي، فقال العامل: إن أربعمائة درهم منها أيضاً لي و قال المالك: ليس لك بل هي من رأس المال. فكيف يكون مقتضى الأصل كون جميعه للمالك إلّا بمقدار ما أقرّ به للعامل مع أن الأصول متعارضة؛